* (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والارض كل له قانتون * بديع السماوات والارض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * اعلم أن هذا هو النوع العاشر من مقابح أفعال اليهود والنصارى والمشركين، واعلم أن الظاهر قوله تعالى: * (وقالوا اتخذ الله ولدا) * أن يكون راجعا إلى قوله: * (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) * (البقرة: 114) وقد ذكرنا أن منهم من تأوله على النصارى، ومنهم من تأوله على مشركي العرب، ونحن قد تأولناه على اليهود وكل هؤلاء أثبتوا الولد لله تعالى، لأن اليهود قالوا: عزيز ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، ومشركو العرب قالوا: الملائكة بنات الله فلا جرم صحت هذه الحكاية على جميع التقديرات، قال ابن عباس رضي الله عنهما: أنها نزلت في كعب بن الأشرف، وكعب بن أسد، ووهب بن يهودا فإنهم جعلوا عزيزا ابن الله، أما قوله تعالى: * (سبحانه) * فهو كلمة تنزيه ينزه بها نفسه عما قالوه، كما قال تعالى في موضع آخر: * (سبحانه أن يكون له ولد) * (النساء: 171) فمرة أظهره، ومرة اقتصر عليه لدلالة الكلام عليه، واحتج على هذا التنزيه بقوله: * (بل له ما في السماوات والأرض) * ووجه الاستدلال بهذا على فساد مذهبهم من وجوه. الأول: أن كل ما سوى الموجود الواجب ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته محدث، وكل محدث فهو مخلوق لواجب الوجود، والمخلوق لا يكون ولدا، أما بيان أن ما سوى الموجود الواجب ممكن لذاته، فلأنه لو وجد موجودان واجبان لذاتهما لاشتركا في وجوب الوجود، ولامتاز كل واحد منهما عن الآخر بما به التعين، وما به المشاركة، غير ما به الممايزة، ويلزم تركب كل واحد منهما من قيدين، وكل مركب فإنه مفتقر إلى كل واحد من أجزائه، وكل واحد من أجزائه من غيره، فكل مركب فهو مفتقر إلى غيره، وكل مفتقر إلى غيره فهو ممكن لذاته، فكل واحد من الموجودين الواجبين لذاتهما ممكن لذاته، هذا خلف، ثم نقول: إن كان كل واحد من ذينك الجزءين واجبا عاد التقسيم المذكور فيه، ويقضي إلى كونه مركبا من أجزاء غير متناهية، وذلك محال، ومع تسليم أنه غير محال فالمقصود حاصل، لأن كل كثرة
(٢٥)