بالموضع، والذي له تعلق بذلك الثواب والمدح، وإظهار الرضا والإكرام، وإيجاب المنزلة، وكل ذلك داخل تحت قوله: * (أذكركم) * ثم للناس في هذه الآية عبارات. الأولى: اذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي. الثانية: اذكروني بالإجابة والإحسان وهو بمنزلة قوله: * (ادعوني أستجب لكم) * (غافر: 60) وهو قول أبي مسلم قال: أمر الخلق بأن يذكروه راغبين راهبين، وراجين خائفين ويخلصوا الذكر له عن الشركاء، فإذا هم ذكروه بالإخلاص في عبادته وربوبيته ذكرهم بالإحسان والرحمة والنعمة في العاجلة والآجلة. الثالثة: اذكروني بالثناء والطاعة أذكركم بالثناء والنعمة. الرابعة: اذكروني في الدنيا أذكركم في الآخرة. الخامسة: اذكروني في الخلوات أذكركم في الفلوات. السادسة: اذكروني في الرخاء أذكركم في البلاء. السابعة: اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي. الثامنة: اذكروني بمجاهدتي أذكركم بهدايتي. التاسعة: اذكروني بالصدق والإخلاص أذكركم بالخلاص ومزيد الاختصاص. العاشرة: اذكروني بالربوبية في الفاتحة أذكركم بالرحمة والعبودية في الخاتمة.
* (يا أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلوة إن الله مع الصابرين) * اعلم أنه تعالى لما أوجب بقوله: * (فاذكروني) * جميع العبادات، وبقوله: * (واشكروا لي) * ما يتصل بالشكر أردفه ببيان ما يعين عليهما فقال: * (استعينوا بالصبر والصلاة) * وإنما خصهما بذلك لما فيهما من المعونة على العبادات، أما الصبر فهو قهر النفس على احتمال المكاره في ذات الله تعالى وتوطينها على تحمل المشاق وتجنب الجزع، ومن حمل نفسه وقلبه على هذا التذليل سهل عليه فعل الطاعات وتحمل مشاق العبادات، وتجنب المحظورات ومن الناس من حمل الصبر على الصوم، ومنهم من حمله على الجهاد لأنه تعالى ذكر بعده: * (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله) * (البقرة: 154) وأيضا فلأنه تعالى أمر بالتثبت في الجهاد فقال: * (إذا لقيتم فئة فاثبتوا) * (الأنفال: 45) وبالتثبت في الصلاة أي في الدعاء فقال: * (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) * (آل عمران: 147). إلا أن القول الذي اخترناه أولى لعموم اللفظ وعدم تقييده، والاستعانة بالصلاة لأنها يجب أن تفعل على طريق الخضوع والتذلل للمعبود والإخلاص له، ويجب أن يوفر همه وقلبه عليها وعلى ما يأتي فيها من قراءة فيتدبر الوعد والوعيد والترغيب والترهيب ومن سلك هذه الطريقة في الصلاة فقد ذلل نفسه لاحتمال المشقة فيما عداها من