صنما، فإذا رأوا شيئا أحسن منه تركوا ذلك وأقبلوا على عبادة الأحسن. وخامسها: أن المؤمنين يوحدون ربهم، والكفار يعبدون مع الصنم أصناما فتنقص محبة الواحد، أما الإله الواحد فتنضم محبة الجميع إليه.
أما قوله تعالى: * (ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن قراءة هذه الآية أبحاثا:
البحث الأول: قرأ نافع وابن عمر: (ولو ترى) بالتاء المنقوطة من فوق خطابا للنبي عليه السلام، كأنه قال: لو ترى يا محمد الذين ظلموا، والباقون بالياء المنقوطة من تحت على الإخبار عمن جرى ذكرهم كأنه قال: ولو يرى الذين ظلموا أنفسهم باتخاذ الأنداد، ثم قال بعضهم: هذه القراءة أولى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين قد علموا قدر ما يشاهده الكفار، ويعاينون من العذاب يوم القيامة، أما المتوعدون في هذه الآية فهم الذين لم يعلموا ذلك، فوجب إسناد الفعل إليهم.
البحث الثاني: اختلفوا في (يرون) فقرأ ابن عامر: (يرون) بضم الياء على التعدية وحجته قوله تعالى: * (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) * والباقون (يرون) بالفتح على إضافة الرؤية إليهم.
البحث الثاني: اختلفوا في (أن) فقرأ بعض القراء (إن) بكسر الألف على الاستئناف وأما القراء السبع فعلى فتح الألف فيها.
البحث الرابع: لما عرفت أن * (يرى الذين ظلموا) * قرىء تارة بالتاء المنقوطة من فوق وأخرى بالياء المنقوطة من تحت، وقوله: * (أن القوة) * قرىء تارة بفتح الهمزة من (أن) وأخرى بكسرها حصل ههنا أربع احتمالات.
الاحتمال الأول: أن يقرأ * (ولو يرى) * بالياء المنقوطة من تحت مع فتح الهمزة من (أن) والوجه فيه أنهم أعملوا يرون في القوة والتقدير: ولو يرون أن القوة لله: ومعناه، ولو يرى الذين ظلموا شدة عذاب الله وقوته لما اتخذوا من دونه أندادا فعلى هذا جواب (لو) محذوف وهو كثير في التنزيل كقوله: * (ولو ترى إذا وقفوا على النار) * (الأنعام: 27)، * (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) * (الأنعام: 93)، * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) * (الرعد: 31) ويقولون: لو رأيت فلانا والسياط تأخذ منه، قالوا: وهذا الحذف أفخم وأعظم لأن على هذا التقدير يذهب خاطر المخاطب إلى كل ضرب من الوعيد