مركوزا في جرم كري مستدير الحركة، مغروز في ثخن الفلك المحيط بالأرض، وذلك الجرم نسميه بالفلك المستدير، فحينئذ يعرض بسبب حركته اختلاف حال الكوكب بالنسبة إلى الأرض تارة بالقرب والبعد وتارة بالرجوع والاستقامة، وتارة بالصغر والكبر في المنظر وإما أن يكون الفلك المحيط بالأرض ليس مركزه موافقا لمركز الأرض، فهو الفلك الخارج المركز، ويلزم أن يكون الحامل في أحد نصفي فلك البروج من ذلك الفلك أعظم من النصف، وفي نصفه الآخر أقل من النصف، فلا جرم يحصل بسببه: القرب والبعد من الأرض، وأن يقطع أحد نصفي فلك البروج في زمان أكثر من قطعه النصف الآخر، فظهر أن اختلاف أحوال الكواكب في صغرها وكبرها، وسرعتها وبطئها، وقربها وبعدها، من الأرض لا يمكن حصوله إلا بأحد هذين الشيئين، أعني التدوير، والفلك الخارج المركز.
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى التفصيل قولهم في الأفلاك، فقالوا: هذه الأفلاك التسعة، منها ما هو كرة واحدة، وهو الفلك الأعظم، وفلك الثوابت، ومنها ما ينقسم إلى كرتين، وهو فلك الشمس، وذلك أنه ينفصل منه فلك آخر مركزه غير مركز العالم، بحيث يتماس سطحاهما المحدبان على نقطة تسمى الأوج، وهو البعد الأبعد من الفلك المنفصل، ويتماس سطحاهما المقعران على نقطة تسمى الحضيض، وهو البعد الأقرب منه، وهما في الحقيقة فلك واحد، منفصل عنه فلك آخر، إلا أنه يقال: فلكان، توسعا، ويسمى المنفصل عنه: الفلك الممثل، والمنفصل الخارج المركز فلك الأوج، وجرم الشمس مغرق فيه بحيث يماس سطحه سطحيه، ومنها ما ينقسم إلى ثلاث أكر، وهي أفلاك الكواكب العلوية والزهرة، فإن لكل واحد منهما فلكين مثل فلك الشمس، وفلكا آخر موقعه من خارج المركز مثل موقع جرم الشمس من فلكه ويسمى: فلك التدوير والكوكب مغرق فيه بحيث يماس سطحه ويسمى الخارج المركز: الفلك الحامل، ومنها ما ينقسم إلى أربع أكر وهو فلك عطارد والقمر، أما عطارد فإن له فلكين مثل فلكي الشمس وينفصل من الثاني فلك آخر انفصال الخارج المركز عن الممثل بحيث يقع مركزه خارجا عن المركزين وبعده عن مركز الخارج المركز مثل نصف بعد ما بين مركزي الخارج المركز والممثل ويسمى المنفصل عنه الفلك المدير والمنفصل الفلك الحامل، ومنه فلك التدوير وعطارد فيه كما سبق في الكرات الأربعة، وأما القمر فإن فلكه ينقسم إلى كرتين متوازيتين والعظمى تسمى الفلك المثل والصغرى الفلك المائل وينقسم المائل إلى ثلاث أكر كما في الكواكب الأربعة، وكل فلك ينفصل عنه فلك آخر على الصورة التي عرفتها في فلك الشمس، فإنه يبقى من المنفصل عنه كرتان مختلفتا الثخن يسميان