العبادات ولذلك قال: * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * (العنكبوت: 45) ولذلك نرى أهل الخير عند النوائب متفقين على الفزع إلى الصلاة، وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
ثم قال: * (إن الله مع الصابرين) * يعني في النصر لهم كما قال: * (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * (البقرة: 137) فكأنه تعالى ضمن لهم إذا هم استعانوا على طاعاته بالصبر والصلاة أن يزيدهم توفيقا وتسديدا وألطافا كما قال: * (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى) * (مريم: 76).
* (ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) * اعلم أن هذه الآية نظيرة قوله في آل عمران: * (بل أحياء عند ربهم يرزقون) * ووجه تعلق الآية بما قبلها كأنه قيل: استعينوا بالصبر والصلاة في إقامة ديني، فإن احتجتم في تلك الإقامة إلى مجاهدة عدوي بأموالكم وأبدانكم ففعلتم ذلك فتلفت نفوسكم فلا تحسبوا أنكم ضيعتم أنفسكم بل اعلموا أن قتلاكم أحياء عندي وههنا مسائل:
المسألة الأولى: قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت الآية في قتلى بدر وقتل من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلا، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، فمن المهاجرين: عبيدة بن الحرث ابن عبد المطلب، وعمر بن أبي وقاص، وذو الشمالين، وعمرو بن نفيلة، وعامر بن بكر، ومهجع بن عبد الله. ومن الأنصار: سعيد بن خيثمة، وقيس بن عبد المنذر، وزيد بن الحرث، وتميم بن الهمام، ورافع بن المعلى، وحارثة بن سراقة، ومعوذ بن عفراء، وعوف بن عفراء، وكانوا يقولون: مات فلان ومات فلان فنهى الله تعالى أن يقال فيهم أنهم ماتوا. وعن آخرين أن الكفار والمنافقين قالوا: إن الناس يقتلون أنفسهم طلبا لمرضاة محمد من غير فائدة فنزلت هذه الآية.
المسألة الثانية: * (أموات) * رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: لا تقولوا هم أموات.
المسألة الثالثة: في الآية أقوال:
القول الأول: أنهم في الوقت أحياء كأن الله تعالى أحياهم لإيصال الثواب إليهم وهذا قول أكثر المفسرين وهذا دليل على أن المطيعين يصل ثوابهم إليهم وهم في القبور، فإن قيل: نحن نشاهد أجسادهم ميتة في القبور، فكيف يصح ما ذهبتم إليه؟ قلنا: أما عندنا فالبنية ليست شرطا في الحياة ولا امتناع في أن يعيد الله الحياة إلى كل واحد من تلك الذرات والأجزاء الصغيرة من غير حاجة إلى التركيب والتأليف، وأما عند المعتزلة فلا