لعادة جارية لليهود والنصارى في صبغ يستعملونه في أولادهم معنى، لأن الكلام إذا استقام على أحسن الوجوه بدونه فلا فائدة فيه ولنذكر الآن بقية أقوال المفسرين:
القول الثالث: أن صبغة الله هي الختان، الذي هو تطهير، أي كما أن المخصوص الذي للنصارى تطهير لهم فكذلك الختان تطهير للمسلمين عن أبي العالية.
القول الرابع: إنه حجة الله، عن الأصم، وقيل: إنه سنة الله، عن أبي عبيدة، والقول الجيد هو الأول، والله أعلم.
المسألة الثانية: في نصب صبغة أقوال. أحدها: أنه بدل من ملة وتفسير لها. الثاني: اتبعوا صبغة الله. الثالث: قال سيبويه: إنه مصدر مؤكد فينتصب عن قوله: * (آمنا بالله) * كما انتصب وعد الله عما تقدمه.
أما قوله: * (ومن أحسن من الله صبغة) * فالمراد أنه يصبغ عباده بالإيمان ويطهرهم به من أوساخ الكفر، فلا صبغة أحسن من صبغته.
أما قوله تعالى: * (ونحن له عابدون) * فقال صاحب " الكشاف ": إنه عطف على: * (آمنا بالله) * وهذا يرد قول من يزعم أن صبغة الله بدل من ملة إبراهيم أو نصب على الإغراء بمعنى عليكم صبغة الله لما فيه من فك النظم وانتصابها على أنها مصدر مؤكد هو الذي ذكره سيبويه، والقول ما قالت حذام.
* (قل أتحآجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنآ أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون) * اعلم أن في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في تلك المحاجة وذكروا وجوها. أحدها: أن ذلك كان قولهم أنهم أولى بالحق والنبوة لتقدم النبوة فيهم والمعنى: أتجادلوننا في أن الله اصطفى رسول من العرب لا منكم وتقولون: لو أنزل الله على أحد لأنزل عليكم، وترونكم أحق بالنبوة منا. وثانيها: قولهم: نحن أحق بالإيمان من العرب الذين عبدوا الأوثان. وثالثها: قولهم؛ * (نحن أبناء الله وأحباؤه) * وقولهم: * (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) * (البقرة: 111) وقولهم: * (كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) * (البقرة: 135) عن الحسن. ورابعها: * (أتحاجوننا في الله) * أي: أتحاجوننا في دين الله.