القابل ومن الراد، ثم يشهدون بذلك يوم القيامة كما أن الشاهد على العقود يعرف ما الذي تم وما الذي لم يتم ثم يشهد بذلك عند الحاكم.
المسألة السادسة: دلت الآية على أن من ظهر كفره وفسقه نحو المشبهة والخوارج والروافض فإنه لا يعتد به في الإجماع لأن الله تعالى إنما جعل الشهداء من وصفهم بالعدالة والخيرية، ولا يختلف في ذلك الحكم من فسق أو كفر بقوله أو فعل، ومن كفر برد النص أو كفر بالتأويل.
المسألة السابعة: إنما قال: * (شهداء على الناس) * ولم يقل: شهداء للناس لأن قولهم يقتضي التكليف إما بقول وإما بفعل وذلك عليه لا له في الحال، فإن قيل: لم أخرت صلة الشهادة أولا وقدمت آخرا؟ قلنا؛ لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم وفي الآخر الاختصاص بكون الرسول شهيدا عليهم.
قوله تعالى: * (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم) *.
اعلم أن قوله: * (وما جعلنا) * معناه ما شرعنا وما حكمنا كقوله: * (ما جعل الله من بحيرة) * (المائدة: 103) أي ما شرعها ولا جعلها دينا، وقوله: * (كنت عليها) * أي كنت معتقدا لاستقبالها، كقول القائل: كان لفلان على فلان دين، وقوله: * (كنت عليها) * ليس بصفة للقبلة، إنما هو ثاني مفعولي جعل يريد: * (وما جعلنا القبلة) * الجهة التي كنت عليها. ثم ههنا وجهان.
الأول: أن يكون هذا الكلام بيانا للحكمة في جعل القبلة، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي بمكة إلى الكعبة ثم أمر بالصلاة إلى بيت المقدس بعد الهجرة تأليفا لليهود، ثم حول إلى الكعبة فنقول: * (وما جعلنا القبلة) * الجهة: * (التي كنت عليها) * أولا: يعني وما رددناك إليها إلا امتحانا