يا مستخبر لا تقدر على استماع خبره لإيحاشه السامع وإضجاره، فلا تسأل، والقراءة الأولى يعضدها قراءة أبي: (وما تسأل) وقراءة عبد الله (ولن تسأل).
* (ولن ترضى عنك اليهود ولآ النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوآءهم بعد الذي جآءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) * اعلم أنه تعالى لما صبر رسوله بما تقدم من الآية وبين أن العلة قد انزاحت من قبله لا من قبلهم وأنه لا عذر لهم في الثبات على التكذيب به عقب ذلك بأن القوم بلغ حالهم في تشددهم في باطلهم وثباتهم على كفرهم أنهم يريدون مع ذلك أن يتبع ملتهم ولا يرضون منه بالكتاب، بل يريدون منه الموافقة لهم فيما هم عليه فبين بذلك شدة عداوتهم للرسول وشرح ما يوجب اليأس من موافقتهم والملة هي الدين ثم قال: * (قل إن هدى الله هو الهدى) * بمعنى أن هدى الله هو الذي يهدي إلى الإسلام وهو الهدي الحق والذي يصلح أن يسمى هدى وهو الهدى كله ليس وراءه هدى، وما يدعون إلى اتباعه ما هو بهدى إنما هو هوى، ألا ترى إلى قوله: * (ولئن ابتعت أهواءهم) * أي أقوالهم التي هي أهواء وبدع، * (بعد الذي جاءك من العلم) * أي من الدين المعلوم صحته بالدلائل القاطعة. * (ما لك من الله من ولي ولا نصير) * أي معين يعصمك ويذب عنك، بل الله يعصمك من الناس إذا أقمت على الطاعة والاعتصام بحبله قالوا: الآية تدل على أمور منها أن الذي علم الله منه أنه لا يفعل الشيء يجوز منه أن يتوعده على فعله، فإن في هذه الصورة علم الله أنه لا يتبع أهواءهم ومع ذلك فقد توعده عليه ونظيره قوله: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * (الزمر: 65) وإنما حسن هذا الوعيد لاحتمال أن الصارف له عن ذلك الفعل هو هذا الوعيد أو هذا الوعيد أحد صوارفه. وثانيها: أن قوله: * (بعد الذي جاءك من العلم) * يدل على أنه لا يجوز الوعيد إلا بعد نصب الأدلة وإذا صح ذلك فبأن لا يجوز الوعيد إلا بعد القدرة أولى فبطل به قول من يجوز تكليف ما لا يطاق. وثالثها: فيها دلالة على أن اتباع الهوى لا يكون إلا باطلا، فمن هذا الوجه يدل على بطلان التقليد. ورابعها: