يكون معبودا والذي يليق به أن يكون معبودا بهذا الوصف، إنما يتحقق بالنسبة إلى من يتصور منه عبادة الله تعالى، فإن هذه الإضافة صحيحة بالنسبة إلى كل المكلفين، وإلى جميع من تصح صيرورته مكلفا تقديرا.
المسألة السابعة: قوله: * (وإلهكم) * يدل على أن معنى الإله ما يصح أن تدخله الإضافة فلو كان معنى الإله القادر لصار المعنى وقادركم قادر واحد ومعلوم أنه ركيك فدل على أن الإله هو المعبود. المسألة الثامنة: قوله: * (وإلهكم إله واحد) * معناه أنه واحد في الإلهية، لأن ورود لفظ الواحد بعد لفظ الإله يدل على أن تلك الوحدة معتبرة في الإلهية لا في غيرها، فهو بمنزلة وصف الرجل بأنه سيد واحد، وبأنه عالم واحد، ولما قال: * (وإلهكم إله واحد) * أمكن أن يخطر ببال أحد أن يقول: هب أن إلهنا واحد، فلعل إله غيرنا مغاير لإلهنا، فلا جرم أزال هذا الوهم ببيان التوحيد المطلق، فقال: * (لا إله إلا هو) * وذلك لأن قولنا: لا رجل يقتضي نفي هذه الماهية، ومتى انتفت هذه الماهية انتفى جميع أفرادها، إذ لو حصل فرد من أفراد تلك الماهية فمتى حصل ذلك الفرد، فقد حصلت الماهية، وذلك يناقض ما دل اللفظ عليه من انتفاء الماهية: فثبت أن قولنا: لا رجل يقتضي النفي العام الشامل، فإذا قيل بعد: إلا زيدا، أفاد التوحيد التام المحقق وفي هذه الكلمة أبحاث. أحدها: أن جماعة من النحويين قالوا: الكلام فيه حذف وإضمار والتقدير: لا إله لنا، أو لا إله في الوجود إلا الله، واعلم أن هذا الكلام غير مطابق للتوحيد الحق وذلك لأنك لو قلت: التقدير أنه لا إله لنا إلا الله، لكان هذا توحيدا لإلهنا لا توحيد للإله المطلق، فحينئذ لا يبقى بين قوله: * (وإلهكم إله واحد) * وبين قوله: * (لا إله إلا هو) * فرق، فيكون ذلك تكرارا محضا، وأنه غير جائز، وأما لو قلنا: التقدير لا إله في الوجود، فذلك الإشكال زائل، إلا أنه يعود الإشكال من وجه آخر، وذلك لأنك إذا قلت: لا إله في الوجود لا إله إلا هو؛ كان هذا نفيا لوجود الإله الثاني، أما لو لم يضمر هذا الإضمار كان قولك: لا إله إلا الله نفيا لماهية الإله الثاني، ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصرف من نفي الوجود، فكان إجراء الكلام على ظاهره، والإعراض عن هذا الإضمار أولى، فإن قيل: نفي الماهية كيف يعقل؟ فإنك إذا قلت السواد ليس بسواد، كان ذلك حكما بأن السواد ليس بسواد، وهو غير معقول، أما إذا قلت: السواد ليس بموجود، فهذا معقول منتظم مستقيم.
قلنا: بنفي الماهية أمر لا بد منه، فإنك إذا قلت: السواد ليس بموجود، فقد نفيت