عالم الحدوث إلى فسحة معارج القدم، ونرقى من حضيض ظلمة البشرية إلى سماوات الأنوار وما ذلك عليه بعزيز.
المسألة التاسعة: قال النحويون في قوله تعالى: * (لا إله إلا هو) * ارتفع (هو) لأنه بدل من موضع (لا) مع الاسم ولنتكلم في قوله: ما جاءني رجل إلا زيد فقوله: إلا زيد مرفوع على البدلية لأن البدلية هي الإعراض عن الأول والأخذ بالثاني فكأنك قلت: ما جاءني إلا زيد وهذا معقول لأنه يفيد نفي المجيء عن الكل إلا عن زيد، أما قوله: جاءني إلا زيدا فههنا البدلية غير ممكنة لأنه يصير في التقدير: جاءني خلق إلا زيدا، وذلك يقتضي أنه جاء كل أحد إلا زيدا وذلك محال فظهر الفرق والله أعلم.
أما (الرحمن الرحيم) فقد تقدم القول في تفسيرهما وبينا أن الرحمة في حقه سبحانه هي النعمة وفاعلها هو الراحم فإذا أردنا إفادة الكثرة قلنا (رحيم) وإذا أردنا المبالغة التامة التي ليست إلا له سبحانه قلنا * (الرحمن) *.
واعلم أنه سبحانه إنما خص هذا الموضع بذكر هاتين الصفتين لأن ذكر الإلهية الفردانية يفيد القهر والعلو فعقبهما بذكر هذه المبالغة في الرحمة ترويحا للقلوب عن هيبة الإلهية، وعزة الفردانية وإشعارا بأن رحمته سبقت غضبه وأنه ما خلق الخلق إلا للرحمة والإحسان.
* (إن في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس ومآ أنزل الله من السمآء من مآء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دآبة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السمآء والأرض لآيات لقوم يعقلون) * اعلم أنه سبحانه وتعالى لما حكم بالفردانية والوحدانية ذكر ثمانية أنواع من الدلائل التي يمكن