يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين (75) قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (76) قال فاخرج منها فإنك رجيم (77) وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين (78) قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون (79) قال فإنك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين (83) قال فالحق والحق أقول (84) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين (85) قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين (86) إن هو إلا ذكر للعالمين (87) ولتعلمن نبأه بعد حين (88) قوله تعالى: (قل هو نبأ عظيم) النبأ: الخبر. وفي المشار إليه قولان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور.
والثاني: أنه البعث بعد الموت، قاله قتادة (أنتم عنه معرضون) أي: لا تتفكرون فيه فتعلمون صدقي في نبوتي، وأن ما جئت به من الأخبار عن قصص الماضين لم أعلمه إلا بوحي من الله ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: (ما كان لي من علم بالملأ الأعلى) يعني الملائكة (إذ يختصمون) في شأن آدم حين قال الله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة) والمعنى: إني ما علمت هذا إلا بوحي يوحى، (إن يوحى إلي) أي: ما يوحى إلي (إلا أنما أنا نذير) أي: إلا أني نبي أنذركم وأبين لكم ما تأتونه وتجتنبونه.
(إذ قال ربك) هذا متصل بقوله: " يختصمون " وإنما اعترضت تلك الآية بينهما. قال ابن عباس: اختصموا حين شووروا في خلق آدم، فقال الله تعالى لهم: (إني جاعل في الأرض خليفة)، وهذه الخصومة منهم إنما كانت مناظرة بينهم. وفي مناظرتهم قولان:
أحدهما: أنه قولهم: (أتجعل فيها من يفسد فيها)، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: أنهم قالوا: لن يخلق الله خلقا إلا كنا أكرم منه وأعلم، قاله الحسن، هذا قول الأكثر المفسرين. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رأيت ربي عز وجل، فقال لي: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: أنت أعلم يا رب، قال: في الكفارات والدرجات، فأما الكفارات، فإسباغ الوضوء