قوله تعالى: (و لو نشاء لطمسنا على أعينهم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ولو نشاء لأذهبنا أعينهم حتى لا يبدو لها شق ولا جفن. والمطموس: الذي لا يكون بين جفنيه شق، (فاستبقوا الصراط) أي: فتبادروا إلى الطريق (فأنى يبصرون) أي: فكيف يبصرون وقد أعمينا أعينهم؟! وقرأ أبو بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وأبو رجاء: " فاستبقوا " بكسر الباء " فأنى تبصرون " بالتاء. وهذا تهديد لأهل مكة، وهو قول الأكثرين.
والثاني: ولو نشاء لأضللناهم وأعميناهم عن الهدى، فأنى يبصرون الحق؟ رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثالث: ولو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم وأعميناهم عن غيهم وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فأبصروا رشدهم، فأنى يبصرون ولم أفعل ذلك بهم؟! حكى عن جماعتهم مقاتل.
قوله تعالى: (و لو نشاء لمسخناهم على مكانتهم) روى أبو بكر، عن عاصم " على مكاناتهم " وقد سبق بيان هذا وفي المراد بقوله: " لمسخناهم " أربعة أقوال:
أحدها: لأهلكناهم، قاله ابن عباس.
والثاني: لأقعدناهم على أرجلهم، قاله الحسن، وقتادة.
والثالث: لجعلناهم حجارة، قاله أبو صالح، ومقاتل.
والرابع: لجعلناهم قردة وخنازير لا أرواح فيها، قاله ابن السائب.
وفي قوله: (فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) ثلاثة أقوال:
أحدها: فما استطاعوا أن يتقدموا ولا أن يتأخروا، قاله قتادة.
والثاني: فما استطاعوا مضيا عن العذاب، ولا رجوعا إلى الخلقة. الأولى بعد المسخ، قاله الضحاك.
والثالث: مضيا من الدنيا ولا رجوعا إليها، قاله أبو صالح.
قوله تعالى: (و من نعمره ننكسه في الخلق) قرأ حمزة: " ننكسه " مشددة مع ضم النون الأولى وفتح الثانية، والباقون: بفتح النون الأولى وتسكين الثانية من غير تشديد، وعن عاصم كالقراءتين. ومعنى الكلام: من نطل عمره ننكس خلقه، فنجعل مكان القوة الضعف، وبدل الشباب الهرم، فنرده إلى أرذل العمر. (أفلا يعقلون) قرأ نافع، وأبو عمرو: " أفلا يعقلون " بالياء، والباقون بالتاء. والمعنى: أفلا يعقلون أن من فعل هذا قادر على البعث؟