إذا خاطبت الأجانب إلى الغلظة في المقالة، لأن ذلك أبعد من الطمع في الريبة.
(وقلن قولا معروفا) أي: صحيحا عفيفا لا يطمع فاجرا.
(وقرن في بيوتكن) قرأ نافع، وعاصم إلا أبان، وهبيرة، والوليد بن مسلم عن ابن عامر:
" وقرن " بفتح القاف، وقرأ الباقون بكسرها. قال الفراء: من قرأ بالفتح، فهو من قررت في المكان، فخففت، كما قال: (ظلت عليه عاكفا)، ومن قرأ بالكسر، فمن الوقار، يقال: قر في منزلك، وقال ابن قتيبة: من قرأ بالكسر، فهو من الوقار، يقال: وقر في منزله يقر وقورا. ومن قرأ بنصب القاف جعله من القرار. وقرأ أبي بن كعب، وأبو المتوكل: " واقررن بإسكان القاف وبراءين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة. وقرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة مثله، إلا أنهما كسرا الراء الأولى.
قال المفسرون: ومعنى الآية: الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن وأن لا يخرجن.
قوله تعالى: (ولا تبرجن) قال أبو عبيدة: التبرج: أن يبرزن محاسنهن. وقال الزجاج:
التبرج: إظهار الزينة وما تستدعى به شهوة الرجل، و في (الجاهلية الأولى) أربعة أقوال:
أحدها: أنها كانت بين إدريس ونوح، وكانت ألف سنة، رواه عكرمة عن ابن عباس.
و الثاني: أنها كانت على عهد إبراهيم عليه السلام، وهو قول عائشة رضي الله عنها.
والثالث: بين نوح وآدم، قاله الحكم.
والرابع: ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الشعبي. قال الزجاج: وإنما قيل:
" الأولى "، لأن كل متقدم أول، وكل متقدمة أولى، فتأويله: أنهم تقدموا أمة محمد صلى الله عليه وسلم و في صفة تبرج الجاهلية الأولى ستة أقوال:
أحدها: أن المرأة كانت تخرج فتمشي بين الرجال، فهو التبرج، قاله مجاهد.
والثاني: أنها مشية فيها تكسر وتغنج، قاله قتادة.
والثالث: أنه التبختر، قاله أبن أبي نجيح.
والرابع: أن المرأة منهن كانت تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره، وذلك في زمن إبراهيم عليه السلام، قاله الكلبي.
والخامس: أنها كانت تلقي عن رأسها ولا تشده، فيرى قرطها وقلائدها، قاله مقاتل.
والسادس: أنها كانت تلبس الثياب تبلغ المال، لا تواري جسدها، حكاه الفراء.