القول ليس بصفة لمن هو وصف له وإنما سمي صفة مجازا وعلى معنى أنه وصف له وإخبار عن الصفة التي اشتق الاسم منها. ويسمى بذلك أيضا حقيقة على معنى أنه صفة للمتكلم المنبر به. فأما أن يكون صفة للظريف والأسود والطويل والقصير يكون بها الظريف ظريفا والطويل طويلا فمحال على ما بينا من قبل.
ومما يدل على ذلك أيضا ويبينه إجماع أهل اللغة كافة على أن القائل إذا قال: لفلان علم بالكتابة والصناعة وله علم بالفقه والهندسة وله عقل حسن وخلق قبيح فقد وصفه بالعلم والمعرفة وحسن الخلق وقبحه.
لأن قائلا لو قال لسامع هذا الكلام من أهل اللغة: بماذا وصف زيد عمرا وبأي شيء نعته لقالوا بأجمعهم: وصفه بالعلم والمعرفة والطول والقصر وحسن الخلق وقبحه. فلو لم تكن هذه المعاني الموجودة بالإنسان صفات له لم يجز أن يكون موصوفا بها لأنه لا يكون موصوفا بما ليس بصفة.
وفي قولهم وصفه بالعلم دليل على أن القول ليس بصفة في الحقيقة لمن أخبر عن صفته لأنه ليس هو علما يكون العالم به عالما.
ومما يدل على ذلك أيضا إجماع الأمة قاطبة على أن العدل والإحسان من صفات الله تعالى وأن من قال إن العدل والإحسان ليسا من صفات الله فقد فارق ما عليه المسلمون. وهذا الإجماع أيضا يبطل قولهم إن الصفة ليست بمعنى أكثر من الوصف لأن العدل والإحسان الذي يفعله الله تعالى ليس بقول ولا وصف لواصف.