إلا جعل لها جزاءا معلوما. ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، فقال: فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم، بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال.
وأما قوله: * (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) * فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معنى قوله: * (فإذا اطمأننتم) *: فإذا استقررتم في أوطانكم وأقمتم في أمصاركم، * (فأقيموا) * يعني: فأتموا * (الصلاة) * التي أذن لكم بقصرها في حال خوفكم في سفركم وضربكم في الأرض. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد في قوله: * (فإذا اطمأننتم) * قال: الخروج من دار السفر إلى دار الإقامة.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: * (فإذا اطمأننتم) * يقول: إذا اطمأننتم في أمصاركم فأتموا الصلاة.
وقال آخرون: معنى ذلك: فإذا استقررتم فأقيموا الصلاة، أي فأتموا حدودها بركوعها وسجودها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (فإذا اطمأننتم) * قال: فإذا اطمأننتم بعد الخوف.
وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) * قال: فإذا اطمأننتم فصلوا الصلاة لا تصلها راكبا ولا ماشيا ولا قاعدا.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) * قال: أتموها.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بتأويل الآية، تأويل من تأوله: فإذا زال خوفكم من عدوكم وأمنتم أيها المؤمنون واطمأنت أنفسكم بالأمن، فأقيموا الصلاة، فأتموها بحدودها المفروضة عليكم، غير قاصريها عن شئ من حدودها.