يلونه حتى تأخر هؤلاء فقاموا في مصاف أصحابهم، ثم تقدم الآخرون فسجدوا، ثم سلم عليهم، فكانت لكلهم ركعتين مع إمامهم. وصلى مرة أخرى في أرض بني سليم.
قال أبو جعفر: فتأويل الآية على قول هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، ورووا هذه الرواية: وإذا كنت يا محمد فيهم، يعني في أصحابك خائفا، فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك، يعني ممن دخل معك في صلاتك، * (فإذا سجدوا) *، يقول: فإذا سجدت هذه الطائفة بسجودك، ورفعت رؤوسها من سجودها * (فليكونوا من ورائكم) * يقول: فليصر من خلفك، خلف الطائفة التي حرستك وإياهم إذا سجدت بهم وسجدوا معك. * (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا) * يعني الطائفة الحارسة التي صلت معه غير أنها لم تسجد بسجوده، فمعنى قوله: * (لم يصلوا) * على مذهب هؤلاء: لم يسجدوا بسجودك: * (فليصلوا معك) * يقول: فليسجدوا بسجودك إذا سجدت، ويحرسك وإياهم الذين سجدوا بسجودك في الركعة الأولى. * (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) * يعني الحارسة.
وأولى الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية قول من قال معنى ذلك: فإذا سجدت الطائفة التي قامت معك في صلاتها، * (فليكونوا من ورائكم) * يعني من خلفك وخلف من يدخل في صلاتك ممن لم يصل معك الركعة الأولى بإزاء العدو بعد فراغها من بقية صلاتها، * (ولتأت طائفة أخرى) * وهي الطائفة التي كانت بإزاء العدو لم يصلوا، يقول: لم يصلوا معك الركعة الأولى * (فليصلوا معك) * يقول: فليصلوا معك الركعة التي بقيت عليك. * (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) * لقتال عدوهم بعد ما يفرغون من صلاتهم، وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله (ص) أنه فعله يوم ذات الرقاع، والخبر الذي روى سهل بن أبي حثمة.
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لان الله عز ذكره قال: * (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) * وقد دللنا على أن إقامتها إتمامها بركوعها وسجودها، ودللنا مع ذلك على أن قوله: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * إنما هو إذن بالقصر من ركوعها وسجودها في حال شدة الخوف. فإذا صح ذلك كان بينا أن لا وجه