وأنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية، لان الله تعالى ذكره عرف عباده المؤمنين الواجب عليهم من فرض صلاتهم بهاتين الآيتين في حالين: إحداهما شدة حال خوف أذن لهم فيها بقصر الصلاة، على ما بينت من قصر حدودها عن التمام، والأخرى حال غير شدة الخوف أمرهم فيها بإقامة حدودها، وإتمامها على ما وصفه لهم جل ثناؤه من معاقبة بعضهم بعضا في الصلاة خلف أئمتهم، وحراسة بعضهم بعضا من عدوهم وهي حالة لا قصر فيها، لأنه يقول جل ثناؤه لنبيه (ص) في هذه الحال: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. فمعلوم بذلك أن قوله: * (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) * إنما هو: فإذا اطمأننتم من الحالة التي لم تكونوا مقيمين فيها صلاتكم فأقيموها، وتلك حالة شدة الخوف، لأنه قد أمرهم بإقامتها في حال غير شدة الخوف بقوله: * (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) *... الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: إن الصلاة كانت على المؤمنين فريضة مفروضة. ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي في قوله: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * قال: فريضة مفروضة.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، قال:
ثني علي عن ابن عباس: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * قال: مفروضا، الموقوت: المفروض.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: أما كتابا موقوتا: فمفروضا.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد: * (كتابا موقوتا) * قال: مفروضا.
وقال آخرون: معنى ذلك: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضا واجبا. ذكر من قال ذلك: