أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) *... الآية. قال: كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النبي (ص) وطرحه على يهودي، فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم، ولكن طرحت علي! وكان للرجل الذي سرق جيران يبرؤونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون: يا رسول الله، إن هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به! قال:
حتى مال عليه النبي (ص) ببعض القول، فعاتبه الله عز وجل في ذلك، فقال: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله) * بما قلت لهذا اليهودي، * (إن الله كان غفورا رحيما) *. ثم أقبل على جيرانه فقال: * (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا) * فقرأ حتى بلغ: * (أمن يكون عليهم وكيلا) *. قال: ثم عرض التوبة فقال: * (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه) * فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه. * (وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا) * وإن كان مشركا. * (فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا) * فقرأ حتى بلغ إلى قوله: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) * قال: أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له. وخرج إلى المشركين بمكة، فنقب بيتا ليسرقه، فهدمه الله عليه فقتله، فذلك قوله: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي) * فقرأ حتى بلغ: * (وساءت مصيرا) *. ويقال: هو طعمة بن أبيرق، وكان نازلا في بني ظفر.
وقال آخرون: بل الخيانة التي وصف الله بها من وصفه بقوله: * (ولا تكن للخائنين خصيما) * جحوده وديعة كان أودعها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) * قال: أما ما أراك الله: فما أوحي الله إليك، قال: نزلت في طعمة بن أبيرق، واستودعه رجل من اليهود درعا، فانطلق بها إلى داره، فحفر لها اليهودي ثم دفنها، فخالف إليها طعمة، فاحتفر عنها، فأخذها. فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها، فانطلق إلى ناس من اليهود من عشيرته، فقال: انطلقوا معي، فإني أعرف وضع الدرع! فلما