فجعله في مشربة له، وفي المشربة سلاح له: درعان وسيفاهما وما يصلحهما. فعدي عليه من تحت الليل، فنقبت المشربة، وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي تعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه، فنقبت مشربتنا، فذهب بسلاحنا وطعامنا. قال: فتجسسنا في الدار وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نراه إلا على بعض طعامكم. قال: وقد كان بنو أبيرق قالوا ونحن نسأل في الدار: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل! رجل منا له صلاح وإسلام. فلما سمع بذلك لبيد اخترط سيفه، ثم أتى بني أبيرق فقال: والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة! قالوا: إليك عنا أيها الرجل، فوالله ما أنت بصاحبها! فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال عمي: يا ابن أخي، لو أتيت رسول الله (ص) فذكرت ذلك له. قال قتادة: فأتيت رسول الله (ص) فذكرت ذلك له، فقلت:
يا رسول الله، إن أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة فنقبوا مشربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه. فقال رسول الله (ص): سأنظر في ذلك. فلما سمع ذلك بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له أسير بن عروة، فكلموه في ذلك، واجتمع إليه ناس من أهل الدار، فأتوا رسول الله (ص)، فقالوا: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت. قال قتادة: فأتيت رسول الله (ص) فكلمته، فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت!. قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله (ص) في ذلك. فأتيت عمي رفاعة، فقال: يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله (ص)، فقال: الله المستعان. فلم نلبث أن نزل القرآن: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) * يعني: بني أبيرق، * (واستغفر الله) * أي مما قلت لقتادة، * (إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين