فولدت جارية فقالت لأجيرها: اقتبس لنا نارا! فخرج فوجد بالباب رجلا، فقال له الرجل:
ما ولدت هذه المرأة؟ قال: جارية، قال: أما إن هذه الجارية لا تموت حتى تبغي بمائة، ويتزوجها أجيرها، ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فقال الأجير في نفسه: فأنا أريد هذه بعد أن تفجر بمائة. فأخذ شفرة فدخل، فشق بطن الصبية. وعولجت فبرئت، فشبت، وكانت تبغي، فأتت ساحلا من سواحل البحر، فأقامت عليه تبغي. ولبث الرجل ما شاء الله، ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير، فقال لامرأة من أهل الساحل: أبغيني امرأة من أجمل امرأة في القرية أتزوجها! فقالت: ههنا امرأة من أجمل الناس، ولكنها تبغي. قال:
ائتني بها! فأتتها فقالت: قد قدم رجل له مال كثير، وقد قال لي كذا، فقلت له كذا. فقالت:
إني قد تركت البغاء، ولكن إن أراد تزوجته. قال: فتزوجها، فوقعت منه موقعا، فبينا هو يوما عندها، إذ أخبرها بأمره، فقالت: أنا تلك الجارية - وأرته الشق في بطنها وقد كنت أبغي، فما أدري بمائة أو أقل أو أكثر، قال: فإنه قال لي: يكون موتها بالعنكبوت. قال:
فبنى لها برجا بالصحراء وشيده. فبينما هما يوما في ذلك البرج، إذا عنكبوت في السقف فقالت: هذا يقتلني؟ لا يقتله أحد غيري! فحركته فسقط، فأتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدخته، وساح سمه بين ظفرها واللحم، فاسودت رجلها فماتت، فنزلت هذه الآية: * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: * (ولو كنتم في بروج مشيدة) * قال: قصور مشيدة.
وقال آخرون: معنى ذلك: قصور بأعيانها في السماء. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) * وهي قصور بيض في سماء الدنيا مبنية.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعيد، قال:
أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع في قوله: * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) * يقول: ولو كنتم في قصور في السماء.