حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، عن عيسى بن المغيرة، قال:
تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب، فقال: أسلم كعب في زمان عمر أقبل وهو يريد بيت المقدس، فمر على المدينة، فخرج إليه عمر، فقال: يا كعب أسلم! قال: ألستم تقرأون في كتابكم: * (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) *؟
وأنا قد حملت التوراة. قال: فتركه ثم خرج حتى انتهى إلى حمص، قال: فسمع رجلا من أهلها حزينا، وهو يقول: * (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) *... الآية، فقال كعب: يا رب آمنت، يا رب أسلمت! مخافة أن تصيبه الآية، ثم رجع فأتى أهله باليمن، ثم جاء بهم مسلمين.
القول في تأويل قوله تعالى: * (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (أو نلعنهم) *: أو نلعنكم، فنخزيكم، ونجعلكم قردة، * (كما لعنا أصحاب السبت) * يقول: كما أخزينا الذين اعتدوا في السبت من أسلافكم، قيل ذلك على وجه الخطاب في قوله: * (آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم) * كما قال: * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها) *. وقد يحتمل أن يكون معناه: من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعن أصحاب الوجوه، فجعل الهاء والميم في قوله:
* (أو نلعنهم) * من ذكر أصحاب الوجوه، إذ كان في الكلام دلالة على ذلك.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
* (يا أيها الذين أوتوا الكتاب) *... إلى قوله: * (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) * أي نحولهم قردة.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الحسن: * (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) * يقول: أو نجعلهم قردة.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) * أو نجعلهم قردة.