سعيد بن جبير، قال: أتى رجل ابن عباس، فقال: سمعت الله يقول: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * وقال في آية أخرى: * (ولا يكتمون الله حديثا) *.
فقال ابن عباس: أما قوله: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * فإنهم لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الاسلام قالوا: تعالوا فلنجحد، فقالوا: والله ربنا ما كنا مشركين! فختم الله على أفواههم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم، فلا يكتمون الله حديثا.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن رجل، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: أشياء تختلف علي في القرآن؟ فقال: ما هو؟ أشك في القرآن؟ قال: ليس بالشك، ولكنه اختلاف. قال: فهات ما اختلف عليك! قال: أسمع الله يقول: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) * وقال: * (ولا يكتمون الله حديثا) * وقد كتموا!
فقال ابن عباس: أما قوله: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) * فإنهم لما رأوا يوم القيامة أن الله يغفر لأهل الاسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحد المشركون، فقالوا: والله ربنا ما كنا مشركين، رجاء أن يغفر لهم، فختم على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فعند ذلك * (يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا الزبير، عن الضحاك: أن نافع ابن الأزرق أتى ابن عباس فقال: يا ابن عباس، قول الله تبارك وتعالى: * (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) *، وقوله: * (والله ربنا ما كنا مشركين) *؟ فقال له ابن عباس: إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت: ألقى علي ابن عباس متشابه القرآن، فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد، فيقول المشركون إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده، فيقولون: تعالوا نجحد! فيسألهم، فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين، قال: فيختم على أفواههم، ويستنطق جوارحهم، فتشهد عليهم جوارحهم أنهم كانوا مشركين فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم، ولا يكتمون الله حديثا.