عن عبد الله بن مسعود من تأويل ذلك. وأما قوله: * (يضاعفها) * فإنه جاء بالألف، ولم يقل: يضعفها، لأنه أريد به في قول بعض أهل العربية: يضاعفها أضعافا كثيرة، ولو أريد به في قوله يضعف ذلك ضعفين لقيل: يضعفها بالتشديد.
ثم اختلف أهل التأويل في الذين وعدهم الله بهذه الآية ما وعدهم فيها، فقال بعضهم: هم جميع أهل الايمان بالله وبمحمد (ص). واعتلوا في ذلك بما:
حدثنا الفضل بن الصباح، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، قال: لقيت أبا هريرة فقلت له: إنه بلغني أنك تقول: إن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله لقد سمعته - يعني النبي (ص) يقول: إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة.
وقال آخرون: بل ذلك المهاجرون خاصة دون أهل البوادي والاعراب. واعتلوا في ذلك بما:
حدثني محمد بن هارون أبو نشيط، قال: ثنا يحيى بن أبي بكير، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن عبد الله بن عمر، قال: نزلت هذه الآية في الاعراب: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * قال: فقال رجل: فما للمهاجرين؟ قال:
ما هو أعظم من ذلك: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) * وإذا قال الله لشئ عظيم فهو عظيم.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: عنى بهذه الآية المهاجرين دون الاعراب. وذلك أنه غير جائز أن يكون في أخبار الله أو أخبار رسول الله (ص) شئ يدفع بعضه بعضا، فإذا كان صحيحا وعد الله من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة من الجزاء عشر أمثالها، ومن جاء بالحسنة منهم أن يضاعفها له، وكان الخبران اللذان ذكرناهما عنه (ص) صحيحين، كان غير جائز إلا أن يكون أحدهما مجملا والآخر مفسرا، إذ كانت أخباره (ص) يصدق بعضها بعضا. وإذا كان ذلك كذلك صح أن خبر أبي هريرة معناه: إن الحسنة لتضاعف للمهاجرين من أهل الايمان ألفي ألف حسنة، وللاعراب منهم عشر أمثالها، على ما روى ابن عمر عن النبي (ص)، وأن قوله: * (من جاء بالحسنة فله