بمعنى: أن كل واحد منهما يخلف مكان صاحبه، إذا ذهب الليل جاء النهار بعده، وإذا ذهب النهار جاء الليل خلفه ومن ذلك قيل: خلف فلان فلانا في أهله بسوء، ومنه قول زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة * وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم وأما الليل فإنه جمع ليلة، نظير التمر الذي هو جمع تمرة، وقد يجمع ليال فيزيدون في جمعها ما لم يكن في واحدتها. وزيادتهم الياء في ذلك نظير زيادتهم إياها في رباعية وثمانية وكراهية. وأما النهار فإن العرب لا تكاد تجمعه لأنه بمنزلة الضوء، وقد سمع في جمعه النهر قال الشاعر:
لولا الثريدان هلكنا بالضمر * ثريد ليل وثريد بالنهر ولو قيل في جمع قليله أنهرة كان قياسا.
القول في تأويل قوله تعالى: والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس.
يعني تعالى ذكره: إن في الفلك التي تجري في البحر. والفلك هو السفن، واحده وجمعه بلفظ واحد، ويذكر ويؤنث، كما قال تعالى ذكره في تذكيره في آية أخرى: وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون فذكره، وقد قال في هذه الآية: والفلك التي تجري في البحر وهي مجراة، لأنها إذا أجريت فهي الجارية، فأضيف إليها من الصفة ما هو لها.
وأما قوله: بما ينفع الناس فإن معناه: ينفع الناس في البحر.