يرى الذين ظلموا أن القوة لله. وقالوا: إنما عمل في أن جواب لو الذي هو بمعنى العلم، لتقدم العلم الأول.
وقال بعض نحويي الكوفة من نصب: أن القوة لله وأن الله شديد العذاب ممن قرأ: ولو يرى بالياء فإنما نصبها بإعمال الرؤية فيها، وجعل الرؤية واقعة عليها. وأما من نصبها ممن قرأ: ولو ترى بالتاء، فإنه نصبها على تأويل: لان القوة لله جميعا، ولان الله شديد العذاب. قال: ومن كسرهما ممن قرأ بالتاء فإنه يكسرهما على الخبر.
وقال آخرون منهم: فتح أن في قراءة من قرأ: ولو يرى الذين ظلموا بالياء بإعمال يرى، وجواب الكلام حينئذ متروك، كما ترك جواب: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض لان معنى الجنة والنار مكرر معروف. وقالوا: جائز كسر إن في قراءة من قرأ بالياء، وإيقاع الرؤية على إذ في المعنى، وأجازوا نصب أن على قراءة من قرأ ذلك بالتاء لمعنى نية فعل آخر، وأن يكون تأويل الكلام: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا. وزعموا أن كسر إن الوجه إذا قرئت: ولو ترى بالتاء على الاستئناف، لان قوله: ولو ترى قد وقع على الذين ظلموا.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا في ذلك: ولو ترى الذين ظلموا بالتاء من ترى إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب بمعنى لرأيت أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب، فيكون قوله لرأيت الثانية محذوفة مستغنى بدلالة قوله: ولو ترى الذين ظلموا عن ذكره، وإن كان جوابا ل لو ويكون الكلام وإن كان مخرجه مخرج الخطاب لرسول الله (ص) معنيا به غيره، لان النبي (ص) كان لا شك عالما بأن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب، ويكون ذلك نظير قوله: ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وقد بيناه في موضعه.
وإنما اخترنا ذلك على قراءة الياء لان القوم إذا رأوا العذاب قد أيقنوا أن القوة لله جميعا، وأن الله شديد العذاب، فلا وجه أن يقال: لو يرون أن القوة لله جميعا حينئذ، لأنه إنما يقال: لو رأيت لمن لم ير، فأما من قد رآه فلا معنى لان يقال له: لو رأيت.