طالوت بدا من أن يزوجه. ثم أدركته الندامة، فأراد قتل داود حتى هرب منه إلى الجبل، فنهض إليه طالوت فحاصره. فلما كان ذات ليلة سلط النوم على طالوت وحرسه، فهبط إليهم داود، فأخذ إبريق طالوت الذي كان يشرب منه ويتوضأ، وقطع شعرات من لحيته وشيئا من هدب ثيابه، ثم رجع داود إلى مكانه، فناده أن... حرسك، فإني لو شئت أقتلك البارحة فعلت، فإنه هذا إبريقك وشئ من شعر لحيتك وهدب ثيابك، وبعث إليه.
فعلم طالوت أنه لو شاء قتله، فعطفه ذلك عليه فأمنه، وعاهده بالله لا ير ى منه بأسا. ثم انصرف. ثم كان في آخر أمر طالوت أنه كان يدس لقتله، وكان طالوت لا يقاتل عدوا إلا هزم، حتى مات.
قال بكار: وسئل وهب وأنا أسمع: أنبيا كان طالوت يوحى إليه؟ فقال: لم يأته وحي، ولكن كان معه نبي يقال له أشمويل، يوحى إليه، وهو الذي ملك طالوت.
4478 - حدثنا ابن حميد، قل: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان داود النبي وإخوة له أربعة، معهم أبوهم شيخ كبير، فتخلف أبوهم وتخلف معه داود من بين إخوته في غنم أبيه يرعاها له، وكان من أصغرهم وخرج إخوته الأربعة مع طالوت، فدعاه أبوه وقد تقارب الناس ودنا بعضهم من بضع.
قال ابن إسحاق: وكان داود فيما ذكر لي بعض أهل العلم عن وهب بن منبه رجلا قصيرا أزرق قليل شعر الرأس، وكان طاهر القلب نقيه، فقال له أبوه: يا بني إنا قد صنعنا لإخوتك زادا يتقوون به على عدوهم، فاخرج به إليهم، فإذا دفعته إليهم فأقبل إلي سريعا فقال: أفعل. فخرج وأخذ معه ما حمل لاخوته، ومعه مخلاته التي يحمل فيها الحجارة ومقلاعه الذي كان يرمي به عن غنمه. حتى إذا فصل من عند أبيه، فمر بحجر، فقال:
يا داود خذني فاجعلني في مخلاتك تقتل بي جالوت، فإني حجر يعقوب فأخذه فجعله في مخلاته، ومشى. فبينا هو يمشي إذ مر بحجر آخر، فقال: يا داود خذني فاجعلني في مخلاتك تقتل بي جالوت، فإني حجر إسحاق فأخذه فجعله في مخلاته، ثم مضى. فبينا هو يمشي إذ مر بحجر، فقال: يا داود خذني فاجعلني في مخلاتك تقتل بي جالوت، فإني حجر إبراهيم فأخذه فجعله في مخلاته. ثم مضى بما معه حتى انتهى إلى القوم، فأعطى