الربيع، قال: محص الله الذين آمنوا عند النهر وكانوا ثلاثمائة، وفوق العشرة، ودون العشرين، فجاء داود (ص) فأكمل به العدة.
وقال آخرون: بل جاوز معه النهر أربعة آلاف، وإنما خلص أهل الايمان منهم من أهل الكفر والنفاق حين لقوا جالوت. ذكر من قال ذلك:
4469 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: عبر مع طالوت النهر من بني إسرائيل أربعة آلاف، فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه فنظروا إلى جالوت رجعوا أيضا وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده فرجع عنه أيضا ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون، وخلص في ثلاثمائة وبضعة عشر عدة أهل بدر.
4470 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس: لما جاوزه هو والذين آمنوا معه، قال الذين شربوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده.
وأولى القولين في ذلك بالصواب، ما روي عن ابن عباس وقاله السدي وهو أنه جاوز النهر مع طالوت المؤمن الذي لم يشرب من النهر إلا الغرفة، والكافر الذي شرب منه الكثير. ثم وقع التمييز بينهم بعد ذلك برؤية جالوت ولقائه، وانخذل عنه أهل الشرك والنفاق، وهم الذين قالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ومضى أهل البصيرة بأمر الله على بصائرهم، وهم أهل الثبات على الايمان، فقالوا: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.
فإن ظن ذو غفلة أنه غير جائز أن يكون جاوز النهر مع طالوت إلا أهل الايمان الذين ثبتوا معه على إيمانهم، ومن لم يشرب من النهر إلا الغرفة، لان الله تعالى ذكره قال: فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه فكان معلوما أنه لم يجاوز معه إلا أهل الايمان، على ما روي به الخبر عن البراء بن عازب، ولان أهل الكفر لو كانوا جاوزوا النهر كما جاوزه أهل الايمان لما خص الله بالذكر في ذلك أهل الايمان فإن الامر في ذلك بخلاف ما ظن.
وذلك أنه غير مستنكر أن يكون الفريقان، أعني فريق الايمان وفريق الكفر جاوزوا النهر، وأخبر الله نبيه محمدا (ص)، عن المؤمنين بالمجاوزة، لأنهم كانوا من الذين جاوزوه مع ملكهم وترك ذكر أهل الكفر، وإن كانوا قد جاوزوا النهر مع المؤمنين. والذي يدل على