وذلك أن معنى الكلام: ولما برزوا لجالوت وجنوده، قالوا: ربنا أفرغ علينا صبرا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فاستجاب لهم ربهم، فأفرغ عليهم صبره، وثبت أقدامهم ونصرهم على القوم الكافرين، فهزموهم بإذن الله. ولكنه ترك ذكر ذلك اكتفاء بدلالة قوله: فهزموهم بإذن الله على أن الله قد أجاب دعاءهم الذي دعوه به.
ومعنى قوله: فهزموهم بإذن الله قتلوهم بقضاء الله وقدره، يقال منه: هزم القوم الجيش هزيمة وهزيمى. وقتل داود جالوت وداود هذا هو داود بن إيشا نبي الله (ص).
وكان سبب قتله إياه كما:
4477 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا بكار بن عبد الله، قال: سمعت وهب بن منبه يحدث، قال: لما خرج، أو قال: لما برز طالوت لجالوت، قال جالوت: أبرزوا لي من يقاتلني، فإن قتلني، فلكم ملكي، وإن قتلته فلي ملككم فأتي بداود إلى طالوت، فقاضاه إن قتله أن ينكحه ابنته وأن يحكمه في ماله.
فألبسه طالوت سلاحا، فكره داود أن يقاتله، وقال: إن الله لم ينصرني عليه لم يغن السلاح. فخرج إليه بالمقلاع وبمخلاة فيها أحجار، ثم برز له، قال له جالوت: أنت تقاتلني؟ قال داود: نعم. قال: ويلك أما تخرج إلي إلا كما يخرج إلى الكلب بالمقلاع والحجارة؟ لأبددن لحمك، ولأطعمنه اليوم الطير والسباع فقال له داود: بل أنت عدو الله شر من الكلب. فأخذ داود حجرا ورماه بالمقلاع، فأصابت بين عينيه حتى نفذت في دماغه، فصرع جالوت، وانهزم من معه، واحتز داود رأسه. فلما رجعوا إلى طالوت ادعى الناس قتل جالوت، فمنهم من يأتي بالسيف وبالشئ من سلاحه أو جسده، وخبأ داود رأسه، فقال طالوت: من جاء برأسه فهو الذي قتله. فجاء به داود. ثم قال لطالوت:
أعطني ما وعدتني فندم طالوت على ما كان شرط له، وقال: إن بنات الملوك لا بد لهن من صداق، وأنت رجل جرئ شجاع، فاحتمل صداقها ثلاثمائة غلفة من أعدائنا وكان يرجو بذلك أن يقتل داود. فغزا داود وأسر منهم ثلاثمائة، وقطع غلفهم وجاء بها، فلم يجد