إخوته ما بعث إليهم معه. وسمع في العسكر خوض الناس بذكر جالوت، وعظم شأنه فيهم، وبهيبة الناس إياه، ومما يعظمون من أمره، فقال لهم: والله إنكم لتعظمون من أمر هذا العدو شيئا ما أدري ما هو، والله إني لو أراه لقتلته، فأدخلوني على الملك فأدخل على الملك طالوت، فقال: أيها الملك إني أراكم تعظمون شأن هذا العدو، والله إني لو أراه لقتله فقال: يا بني ما عندك من القوة على ذلك؟ وما جربت من نفسك؟ قال: قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي، فأدركه فآخذ برأسه، فأفك لحييه عنها، فاخذها من فيه، فادع لي بدرع حتى ألقيها علي فأتي بدرع، فقذفها في عنقه ومثل فيها فملا عين طالوت ونفسه ومن حضر من بني إسرائيل، فقال طالوت: والله لعسى الله أن يهلكه به فلما أصبحوا رجعوا إلى جالوت، فلما التقى الناس قال داود: أروني جالوت فأروه إياه على فرس عليه لامته فلما رآه جعلت الأحجار الثلاثة تواثب من مخلاته، فيقول هذا:
خذني ويقول هذا: خذني ويقول هذا: خذني فأخذ أحدها فجعله في مقذافه، ثم قتله به، ثم أرسله فصك به بين عيني جالوت فدمغه، وتنكس عن دابته فقتله. ثم انهزم جنده، وقال الناس: قتل داود جالوت، وخلع طالوت. وأقبل الناس على داود مكانه، حتى لم يسمع لطالوت بذكر إلا أن أهل الكتاب يزعمون أنه لما رأى انصراف بني إسرائيل عنه إلى داود، هم بأن يغتال داود وأراد قتله فصرف الله ذلك عنه وعن داود وعرف خطيئته، والتمس التوبة منها إلى الله.
وقد روى عن وهب بن منبه في أمر طالوت وداود قول خلاف الروايتين اللتين ذكرنا قبل، وهو ما:
4479 - حدثني به المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه، قال: لما سلمت بنو إسرائيل الملك لطالوت أوحى إلى نبي بني إسرائيل أن قل لطالوت: فليغز أهل مدين، فلا يترك فيها حيا إلا قتله، فإني سأظهره عليهم فخرج بالناس حتى أتى مدين، فقتل من كان فيها إلا ملكهم، فإنه أسره، وساق مواشيهم. فأوحى الله إلى أشمويل: ألا تعجب من طالوت إذ أمرته فاختان فيه، فجاء بملكهم أسيرا، وساق مواشيهم، فالقه فقل له: لأنزعن الملك من بيته،