حجة، وكانت حجة من يحتج منكسرة، لأنك تقول لمن تريد أن تكسر عليه حجته: إن لك علي حجة، ولكنها منكسرة، وإنك لتحتج بلا حجة، وحجتك ضعيفة. ووجه معنى: (إلا الذين ظلموا منهم) إلى معنى: إلا الذين ظلموا منهم من أهل الكتاب، فإن لهم عليكم حجة واهية أو حجة ضعيفة. ووهي قول من قال: " إلا " في هذا الموضع بمعنى " لكن "، وضعف قول من زعم أنه ابتداء بمعنى: إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم، لان تأويل أهل التأويل جاء في ذلك بأن ذلك من الله عز وجل خبر عن الذين ظلموا منهم أنهم يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بما قد ذكرنا، ولم يقصد في ذلك إلى الخبر عن صفة حجتهم بالضعف ولا بالقوة وإن كانت ضعيفة لأنها باطلة وإنما قصد فيه الاثبات للذين ظلموا ما قد نفى عن الذين قبل حرف الاستثناء من الصفة.
1912 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، قال:
قال الربيع: إن يهوديا خاصم أبا العالية فقال: إن موسى عليه السلام كان يصلي إلى صخرة بيت المقدس، فقال أبو العالية: كان يصلي عند الصخرة إلى البيت الحرام، قال: قال:
فبيني وبينك مسجد صالح، فإنه نحته من الجبل. قال أبو العالية: قد صليت فيه وقبلته إلى البيت الحرام. قال الربيع: وأخبرني أبو العالية أنه مر على مسجد ذي القرنين وقبلته إلى الكعبة.
وأما قوله: (فلا تخشوهم واخشوني) يعني فلا خشوا هؤلاء الذين وصفت لكن أمرهم من الظلمة في حجتهم وجد الهم وقولهم ما يقولون من أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد رجع إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا، أو أن يقدروا لكم على ضر في دينكم أو صدكم عما هداكم الله تعالى ذكره له من الحق، ولكن اخشوني، فخافوا عقابي في خلافكم أمري إن خالفتموه.
وذلك من الله جل ثناؤه تقدم (1) إلى عباده المؤمنين بالحض على لزوم قبلتهم والصلاة إليها، وبالنهي عن التوجه إلى غيرها. يقول جل ثناؤه: واخشوني أيها المؤمنون في ترك طاعتي فيما أمرتكم به من الصلاة شطر المسجد الحرام. وقد حكي عن السدي في ذلك ما:
1913 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط عن السدي: (فلا تخشوهم واخشوني) يقول: لا تخشوا أن أردكم في دينهم القول في تأويل قوله تعالى: (ولا تم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون).