إلى ما انتقل إليه. وأصل المهاجرة المفاعلة، من هجرة الرجل الرجل للشحناء تكون بينهما، ثم تستعمل في كل من هجر شيئا لأمر كرهه منه.
وإنما سمي المهاجرون من أصحاب رسول الله (ص) مهاجرين لما وصفنا من هجرتهم دورهم ومنازلهم، كراهة منهم النزول بين أظهر المشركين وفي سلطانهم، بحيث لا يأمنون فتنتهم على أنفسهم في ديارهم إلى الموضع الذي يأمنون ذلك.
وأما قوله: وجاهدوا فإنه يعني: وقاتلوا وحاربوا وأصل المجاهدة المفاعلة، من قول الرجل: قد جهد فلان فلانا على كذا، إذا كربه وشق عليه يجهده جهدا. فإذا كان الفعل من اثنين كل واحد منهما يكابد من صاحبه شدة ومشقة، قيل: فلان يجاهد فلانا، يعني أن كل واحد منهما يفعل بصاحبه ما يجهده ويشق عليه، فهو يجاهده مجاهدة وجهادا. وأما سبيل الله: فطريقه ودينه.
فمعنى قوله إذا: والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين تحولوا من سلطان أهل الشرك هجرة لهم، وخوف فتنتهم على أديانهم، وحاربوهم في دين الله ليدخلوهم فيه، وفيما يرضى الله، أولئك يرجون رحمة الله أي يطمعون أن يرحمهم الله فيدخلهم جنته بفضل رحمته إياهم، والله غفور أي ساتر ذنوب عباده بعفوه عنها، متفضل عليهم بالرحمة.
وهذه الآية أيضا ذكر أنها نزلت في عبد الله بن جحش وأصحابه. ذكر من قال ذلك:
3271 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه أنه حدثه رجل، عن أبي السوار يحدثه، عن جندب بن عبد الله قال: لما كان من أمر عبد الله بن جحش وأصحابه، وأمر ابن الحضرمي ما كان قال بعض المسلمين إن لم يكونوا أصابوا في سفرهم، أظنه قال: وزرا، فليس لهم فيه أجر، فأنزل الله: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم.
3272 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني الزهري، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير قال: أنزل الله عز وجل القرآن بما أنزل من الامر، وفرج الله عن المسلمين في أمر عبد الله بن جحش وأصحابه، يعني في قتلهم ابن الحضرمي، فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن، طمعوا في الاجر، فقالوا: يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر