من بها من المشركين في بعض الأشهر الحرم، وذلك في شوال وبعض ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرم. فكان معلوما بذلك أنه لو كان القتال فيهن حراما وفيه معصية، كان أبعد الناس من فعله (ص). وأخرى: أن جميع أهل العلم بسير رسول الله (ص) لا تتدافع أن بيعة الرضوان على قتال قريش كانت في ذي القعدة، وأنه (ص) إنما دعا أصحابه إليها يومئذ لأنه بلغه أن عثمان بن عفان قتله المشركون إذ أرسله إليهم بما أرسله به من الرسالة، فبايع (ص) على أن يناجز القوم الحرب ويحاربهم حتى رجع عثمان بالرسالة، وجرى بين النبي (ص) وقريش الصلح، فكف عن حربهم حينئذ وقتالهم، وكان ذلك في ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرم. فإذا كان ذلك كذلك فبين صحة ما قلنا في قوله: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وأنه منسوخ.
فإن ظن ظان أن النهي عن القتال في الأشهر الحرم كان بعد استحلال النبي (ص) إياهن لما وصفنا من حروبه، فقد ظن جهلا وذلك أن هذه الآية، أعني قوله: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه في أمر عبد الله بن جحش وأصحابه، وما كان من أمرهم وأمر القتيل الذي قتلوه، فأنزل الله في أمره هذه الآية في آخر جمادى الآخرة من السنة الثانية من مقدم رسول الله (ص) المدينة وهجرته إليها، وكانت وقعة حنين والطائف في شوال من سنة ثمان من مقدمه المدينة وهجرته إليها، وبينهما من المدة ما لا يخفى على أحد.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا.
يعني تعالى ذكره: ولا يزال مشركو قريش يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن قدروا على ذلك. كما:
3269 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، قال: ثني الزهري ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا أي هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين، يعني على أن يفتنوا المسلمين عن دينهم حتى يردوهم إلى الكفر، كما كانوا يفعلون بمن قدروا عليه منهم قبل الهجرة.
3270 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا قال: كفار قريش.