محصيه لكم حتى يوفيكم أجوركم عليه يوم القيامة، ويثيبكم على ما أطعتموه بإحسانكم عليه. والخير الذي قال جل ثناؤه في قوله: قل ما أنفقتم من خير هو المال الذي سأل رسول الله (ص) أصحابه من النفقة منه، فأجابهم الله عنه بما أجابهم به في هذه الآية.
وفي قوله: ماذا وجهان من الاعراب: أحدهما أن يكون ماذا بمعنى أي شئ، فيكون نصبا بقوله: ينفقون، فيكون معنى الكلام حينئذ: يسألونك أي شئ ينفقون، ولا ينصب ب يسألونك. والآخر منهما الرفع. وللرفع في ذلك وجهان: أحدهما أن يكون ذا الذي مع ما بمعنى الذي، فيرفع ما ب ذا وذا ب ما، وينفقون من صلة ذا، فإن العرب قد تصل ذا، وهذا كما قال الشاعر:
عدس، ما لعباد عليك إمارة * أمنت وهذا تحملين طليق فتحملين من صلة هذا، فيكون تأويل الكلام حينئذ: يسألونك ما الذي ينفقون.
والآخر من وجهي الرفع أن تكون ماذا بمعنى أي شئ، فيرفع ماذا، وإن كان قوله:
ينفقون واقعا عليه، إذ كان العامل فيه وهو ينفقون لا يصلح تقديمه قبله، وذلك أن الاستفهام لا يجوز تقديم الفعل فيه قبل حرف الاستفهام، كما قال الشاعر:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول * أنحب فيقضى أم ضلال وباطل