تأتيهم الملائكة على ما روي عن أبي بن كعب، لان الله جل ثناؤه قد أخبر في غير موضع من كتابه أن الملائكة تأتيهم، فقال جل ثناؤه: وجاء ربك والملك صفا صفا وقال:
هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك. فإن أشكل على امرئ قول الله جل ثناؤه: والملك صفا صفا فظن أنه مخالف معناه معنى قوله هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة إذ كان قوله والملائكة في هذه الآية بلفظ جمع، وفي الأخرى بلفظ الواحد. فإن ذلك خطأ من الظان، وذلك أن الملك في قوله: وجاء ربك والملك بمعنى الجميع، ومعنى الملائكة، والعرب تذكر الواحد بمعنى الجميع، فتقول: فلان كثير الدرهم والدينار، يراد به الدراهم والدنانير، وهلك البعير والشاة بمعنى جماعة الإبل والشاء، فكذلك قوله: والملك بمعنى الملائكة.
ثم اختلف أهل التأويل في قوله: ظلل من الغمام وهل هو من صلة فعل الله جل ثناؤه، أو من صلة فعل الملائكة، ومن الذي يأتي فيها؟ فقال بعضهم: هو من صلة فعل الله، ومعناه: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، وأن تأتيهم الملائكة. ذكر من قال ذلك:
3206 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام قال: هو غير السحاب لم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة.
3207 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام قال: يأتيهم الله وتأتيهم الملائكة عند الموت.
3208 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال عكرمة في قوله: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام قال: طاقات من الغمام والملائكة حوله. قال ابن جريج وقال غيره والملائكة بالموت.
وقول عكرمة هذا وإن كان موافقا قول من قال: إن قوله في ظلل من الغمام من صلة