عباس قوله: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي يقول: من أحرم بحج أو بعمرة، ثم حبس عن البيت بمرض يجهده، أو عذر يحبسه فعليه قضاؤها.
وعلة من قال بهذه المقالة أن الاحصار معناه في كلام العرب: منع العلة من المرض وأشباهه غير القهر والغلبة من قاهر أو غالب إلا غلبة علة من مرض أو لدغ أو جراحة، أو ذهاب نفقة، أو كسر راحلة. فأما منع العدو، وحبس حابس في سجن، وغلبة غالب حائل بين المحرم والوصول إلى البيت من سلطان، أو انسان قاهر مانع، فإن ذلك إنما تسميه العرب حصرا لا إحصارا.
قالوا: ومما يدل على ذلك قول الله جل ثناؤه: وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا يعني به: حاصرا: أي حابسا.
قالوا: ولو كان حبس القاهر الغالب من غير العلل التي وصفنا يسمى إحصارا لوجب أن يقال: قد أحصر العدو. قالوا: وفي اجتماع لغات العرب على حوصر العدو والعدو محاصر، دون أحصر العدو وهم محصرون، وأحصر الرجل بالعلة من المرض والخوف، أكبر الدلالة على أن الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله: فإن أحصرتم بمرض أو خوف أو علة مانعة.
قالوا: وإنما جعلنا حبس العدو ومنعه المحرم من الوصول إلى البيت بمعنى حصر المرض قياسا على ما جعل الله جل ثناؤه من ذلك للمريض الذي منعه المرض من الوصول إلى البيت، لا بدلالة ظاهر قوله: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي إذ كان حبس العدو والسلطان والقاهر علة مانعة، نظيرة العلة المانعة من المرض والكسر.
وقال آخرون: معنى قوله: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي فإن حبسكم عدو عن الوصول إلى البيت، أو حابس قاهر من بني آدم. قالوا: فأما العلل العارضة في الأبدان كالمرض والجراح وما أشبهها، فإن ذلك غير داخل في قوله: فإن أحصرتم. ذكر من قال ذلك:
2638 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وعطاء، عن ابن عباس أنه قال: الحصر: حصر العدو، فيبعث الرجل