2476 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: من الفجر قال: ذلك الخيط الأبيض هو من الفجر نسبة إليه، وليس الفجر كله، فإذا جاء هذا الخيط وهو أوله فقد حلت الصلاة وحرم الطعام والشراب على الصائم.
وفي قوله تعالى ذكره: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل أوضح الدلالة على خطأ قول من قال: حلال الأكل والشرب لمن أراد الصوم إلى طلوع الشمس لان الخيط الأبيض من الفجر يتبين عند ابتداء طلوع أوائل الفجر، وقد جعل الله تعالى ذكره ذلك حدا لمن لزمه الصوم في الوقت الذي أباح إليه الأكل والشرب والمباشرة. فمن زعم أن له أن يتجاوز ذلك الحد، قيل له:
أرأيت إن أجاز له آخر ذلك ضحوة أو نصف النهار؟ فإن قال: إن قائل ذلك مخالف للأمة قيل له: وأنت لما دل عليه كتاب الله ونقل الأمة مخالف، فما الفرق بينك وبينه من أصل أو قياس؟ فإن قال: الفرق بيني وبينه أن الله أمر بصوم النهار دون الليل، والنهار من طلوع الشمس. قيل له: كذلك يقول مخالفوك: والنهار عندهم أوله طلوع الفجر، وذلك هو ضوء الشمس وابتداء طلوعها دون أن يتتام طلوعها، كما أن آخر النهار ابتداء غروبها دون أن يتتام غروبها. ويقال لقائلي ذلك: إن كان النهار عندكم كما وصفتم هو ارتفاع الشمس، وتكامل طلوعها وذهاب جميع سدفة الليل وغبس سواده، فكذلك عندكم الليل هو تتام غروب الشمس وذهاب ضيائها وتكامل سواد الليل وظلامه.
فإن قالوا: ذلك كذلك. قيل لهم: فقد يجب أن يكون الصوم إلى مغيب الشفق وذهاب ضوء الشمس وبياضها من أفق السماء.
فإن قالوا: ذلك كذلك، أوجبوا الصوم إلى مغيب الشفق الذي هو بياض. وذلك قول إن قالوه مدفوع بنقل الحجة التي لا يجوز فيما نقلته مجمعة عليه الخطأ والسهو على تخطئته.
وإن قالوا: بل أول الليل ابتداء سدفته وظلامه ومغيب عين الشمس عنا. قيل لهم:
وكذلك أول النهار: طلوع أول ضياء الشمس ومغيب أوائل سدفة الليل. ثم يعكس عليه القول في ذلك، ويسئل الفرق بين ذلك، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.