الأبيض: بياض النهار، والخيط الأسود: سواد الليل وهو المعروف في كلام العرب، قال أبو دؤاد الأيادي:
فلما أضاءت لنا سدفة * ولاح من الصبح خيط أنارا وأما الاخبار التي رويت عن رسول الله (ص) أنه شرب أو تسحر ثم خرج إلى الصلاة، فإنه غير دافع صحة ما قلنا في ذلك لأنه غير مستنكر أن يكون (ص) شرب قبل الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، إذ كانت الصلاة صلاة الفجر هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبين طلوعه ويؤذن لها قبل طلوعه.
وأما الخبر الذي روي عن حذيفة أن النبي (ص) كان يتسحر وأنا أرى مواقع النبل، فإنه قد استثبت فيه، فقيل له: أبعد الصبح؟ فلم يجب في ذلك بأنه كان بعد الصبح، ولكنه قال:
هو الصبح. وذلك من قوله يحتمل أن يكون معناه هو الصبح لقربه منه وإن لم يكن هو بعينه، كما تقول العرب: هذا فلان شبها، وهي تشير إلى غير الذي سمته، فتقول: هو هو تشبيها منها له به، فكذلك قول حذيفة: هو الصبح، معناه: هو الصبح شبها به وقربا منه.
وقال ابن زيد في معنى الخيط الأبيض والأسود ما:
2475 - حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال: الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل يكشف الليل، والأسود: ما فوقه.
وأما قوله: من الفجر فإنه تعالى ذكره يعني: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي هو من الفجر. وليس ذلك هو جميع الفجر، ولكنه إذا تبين لكم أيها المؤمنون من الفجر ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل، فمن حينئذ فصوموا، ثم أتموا صيامكم من ذلك إلى الليل. وبمثل ما قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول: