وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ: فدية طعام بإضافة الفدية إلى الطعام، لان الفدية اسم للفعل، وهي غير الطعام المفدى به الصوم. وذلك أن الفدية مصدر من قول القائل: فديت صوم هذا اليوم بطعام مسكين، أفديه فدية، كما يقال: جلست جلسة، ومشيت مشية، والفدية فعل والطعام غيرها. فإذا كان ذلك كذلك، فبين أن أصح القراءتين إضافة الفدية إلى الطعام، وواضح خطأ قول من قال: إن ترك إضافة الفدية إلى الطعام أصح في المعنى من أجل أن الطعام عنده هو الفدية. فيقال لقائل ذلك: قد علمنا أن الفدية مقتضية مفديا ومفديا به وفدية، فإن كان الطعام هو الفدية والصوم هو المفدى به، فأين اسم فعل المفتدى الذي هو فدية؟ إن هذا القول خطأ بين غير مشكل. وأما الطعام فإنه مضاف إلى المسكين والقراء في قراءة ذلك مختلفون، فقرأه بعضهم بتوحيد المسكين بمعنى:
وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد لكل يوم أفطره. كما:
2292 - حدثني محمد بن يزيد الرفاعي، قال: ثنا حسين الجعفي، عن أبي عمرو:
أنه قرأ فدية رفع منون طعام رفع بغير تنوين مسكين. وقال: عن كل يوم مسكين.
وعلى ذلك عظم قراء أهل العراق. وقرأه آخرون بجمع المساكين: فدية طعام مساكين بمعنى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين عن الشهر إذا أفطر الشهر كله. كما:
2293 - حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي، عن يعقوب، عن بشار، عن عمرو، عن الحسن: طعام مساكين عن الشهر كله.
وأعجب القراءتين إلي في ذلك قراءة من قرأ طعام مسكين على الواحد بمعنى:
وعلى الذين يطيقونه عن كل يوم أفطروه فدية طعام مسكين لان في إبانة حكم المفطر يوما واحدا وصولا إلى معرفة حكم المفطر جميع الشهر، وليس في إبانة حكم المفطر جميع الشهر وصول إلى إبانة حكم المفطر يوما واحدا وأياما هي أقل من أيام جميع الشهر، وأن كل واحد يترجم عن الجميع وأن الجميع لا يترجم به عن الواحد، فلذلك اخترنا قراءة ذلك بالتوحيد.
واختلف أهل العلم في مبلغ الطعام الذي كانوا يطعمون في ذلك إذا أفطروا، فقال بعضهم: كان الواجب من طعام المسكين لافطار اليوم الواحد نصف صاع من قمح.