وكما يقول الراغب في المفردات، الخوف الذي يكون ممزوجا بالزهد والاضطراب والترهب يعني: (التعبد والعبادة).. والرهبانية بمعنى: (شدة التعبد).
وإذا فسرنا الآية أعلاه بأي شكل، فإنها ترينا أنها كانت نوعا من الرهبانية الممدوحة بين المسيحيين، بالرغم من أنها لم تكن أصلا وإلزاما فيما جاء به السيد المسيح من عند الله تعالى، إلا أن أتباع السيد المسيح (عليه السلام) أخرجوا (الرهبانية) من حدودها وجروها إلى الانحراف والتحريف، ولهذا فإن الإسلام ندد فيها بشدة، حتى أن الكثير من المصادر الإسلامية أوردت الحديث المعروف: " لا رهبانية في الإسلام " (1).
ومن جملة الممارسات القبيحة للمسيحيين في مجال الرهبانية تحريم الزواج للنساء والرجال بالنسبة لمن يتفرغ (للرهبنة) والانزواء الاجتماعي، وإهمال كافة المسؤوليات الإنسانية في المجتمع، والركون إلى الصوامع والأديرة البعيدة، والعيش في محيط منزو عن المجتمع.. بالإضافة إلى جملة من المفاسد التي حصلت في الأديرة ومراكز الرهبان، كما سنشير إلى جوانب منها في هذا البحث إن شاء الله.
وبالرغم من أن هؤلاء الرجال البعيدين عن الدنيا (الرهبان والراهبات) قد أدوا خدمات إيجابية كثيرة كتمريض المصابين بأمراض خطرة كالجذام وما شابهه، بالإضافة إلى القيام بالتبليغ والإرشاد بين أقوام بدائية متوحشة، وقيامهم ببرامج للدراسة والتحقيق.. إلا أن هذه الأمور تعتبر قليلة الأهمية قياسا إلى المفاسد التي اقترنت معها.
وأساسا فإن الإنسان مخلوق اجتماعي، وتكامله المادي والمعنوي مبتن على هذا الأساس، وما جاءت به الأديان السماوية لا ينفي دور الإنسان في