في غيران الجبال وأحدثوا رهبانية، فمنهم من تمسك بدينه، ومنهم من كفر ".
ثم قال: " أتدري ما رهبانية أمتي؟ " قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: " الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة " (1).
والمؤرخ المسيحي المشهور (ويل دورانت) ينقل في تأريخه المعروف في ج 13 بحثا مفصلا حول الرهبانية، حيث يعتقد أن ارتباط الراهبات (النساء التاركات للدنيا) بالرهبان بدأ منذ القرن العاشر الميلادي (2).
وبدون شك فإن هذه الظاهرة الاجتماعية - كما هو شأن كل ظاهرة أخرى لها أسسا روحية بالإضافة إلى الأسس التأريخية، حيث يمكن الإشارة إلى هذه الحقيقة، وهي أن مسألة رد الفعل الروحي للأشخاص والأقوام تختلف فيما بينها مقابل الاندحارات والمصاعب التي يواجهوها. حيث يميل البعض نتيجة لذلك إلى الانزواء والانشغال بالأمور الشخصية فقط، ويبعدون أنفسهم بصورة كاملة عن المجتمع والنشاطات الاجتماعية، في الوقت الذي يتعلم آخرون من الانتكاسات والمصاعب دروس الاستقامة والصلابة والقدرة على تحدي المشاكل ومقاومتها.
ومن هنا فإن القسم الأول يلتمس طريق الرهبانية أو أي سلوك مشابه له، بعكس القسم الثاني الذي يصبح أكثر تماسا بالمجتمع وأقوى في مواجهة تحدياته.
3 3 - المفاسد الأخلاقية والاجتماعية الناشئة من الرهبانية إن الانحراف عن قوانين الخلقة غالبا ما يكون مصحوبا بانفعالات سلبية،