2 بحثان 3 1 - الاستئثار بالنعم بلاء عظيم جبل الإنسان وطبع على حب المال، ويمثل هذا الحب غريزة في نفسه، لأن له فوائد شتى، وهذا الحب غير مذموم إذا كان في حد الاعتدال، وجعل نصيب منه للمحتاجين، وهذا لا يعني الاقتصار على أداء الحقوق الشرعية فقط، بل أداء بعض الإنفاقات المستحبة.
وجاء في الروايات الإسلامية ضرورة جعل نصيب للمحتاجين الحاضرين مما يقطف من ثمار البساتين وحصاد الزرع. وهذا ما يعرف بعنوان (حق الحصاد) وهو مقتبس من الآية الشريفة: وآتوا حقه يوم حصاده (1)، وهذا الحق غير حق الزكاة، وما يعطى للمحتاجين الحاضرين منه أثناء قطف الثمار أو حصاد الزرع غير محدود بحد معين (2).
إلا أن التعلق بالمال حينما يكون بصورة مفرطة وجشعة فإنه يأخذ شكلا منحرفا وأنانيا، وقد لا يكون بحاجة إليه، فحرمان الآخرين والاستئثار بالأموال والتلذذ بحيازة النعم والمواهب الإلهية دون سواه، مرض وبلاء كما نلاحظ في حياتنا المعاصرة مفردات ونماذج كثيرة في مجتمعاتنا البشرية تعيش هذه الحالة.
وقصة (أصحاب الجنة) التي حدثتنا الآيات السابقة عنها، هي كشف وتعرية واضحة لهذه النفسيات المريضة لأصحاب الأموال الذين يستأثرون بالخير والنعم والهبات الإلهية، ويؤكدون بحصرها فيهم دون سواهم.. ويتجسد هذا المعنى في الخطة التي أعدت من جانب أصحاب الجنة في حرمان المحتاجين، بالتفصيل الذي ذكرته الآيات الكريمة..