والأمر نفسه يقال في الجاذبية الأرضية، هي ليست شديدة إلى حد تتهشم فيها عظام الإنسان، ولا بالضعيفة التي يكون فيها معلقا لا يستطيع الاستقرار في مكان.
والخلاصة: إن الأرض (ذلول) ومطيعة ومسخرة لخدمة الإنسان في جميع المجالات، والظريف هنا بعد وصفه تعالى للأرض بأنها (ذلول) أمره لعباده بأن يسيروا في (مناكبها).
و " مناكب " جمع (منكب) على وزن (مغرب) بمعنى الكتف، وبذلك تسخر الأرض للإنسان ويضع قدميه عليها سائرا على كتفها وهي هادئة ومتوازية ومحتفظة بتعادلها.
كما تحمل في نفس الوقت إشارة إلى ضرورة السعي في الأرض في طلب الرزق والحصل عليه، وإلا فسيكون الحرمان نصيب القاعدين والمتخلفين عن السعي.
إن التعبير ب (الرزق) - هنا - تعبير جامع وشامل، حيث يعني كافة الموارد الأرضية، وهو أعم من النعم الحيوانية والنباتية والمعدنية التي فيها.
ويجب الالتفات إلى أن هذا ليس هو الهدف الأساس لخلقكم، إذ أن كل ذلك وسائل في طريق (نشوركم) وبعثكم وحياتكم الأبدية.
وبعد هذا الترغيب والتشويق يستعرض تعالى أسلوب التهديد والإنذار فيقول سبحانه: أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور.
نعم، إن البارئ تعالى إذا أمر أو أراد فإن هذه الأرض الذلول الهادئة تكون في حالة هيجان وطغيان كدابة جموح، تبدأ بالزلازل، وتتشقق وتدفنكم وبيوتكم ومدنكم تحت ترابها وحجرها، وتبقى راجفة مضطربة مزمجرة بعد أن تقضي عليكم وعلى مساكنكم التي متعتم فيها برهة من الزمن.
جملة (فإذا هي تمور) يمكن أن تكون إشارة إلى قدرة الله سبحانه على أن