الكذب والنفاق ممتزجان بهم لحد لا يمكن فصلهما، لقد كان المنافقون كاذبين دائما، والكاذبون منافقين غالبا.
والتعبير ب (إخوانهم) يوضح لنا طبيعة العلاقة الحميمة جدا بين " المنافقين " و " الكفار "، كما ركزت الآيات السابقة على علاقة الاخوة بين المؤمنين، مع ملاحظة الاختلاف بين الفصيلتين، وهو أن المؤمنين صادقون في اخوتهم لذلك فهم لا يتبرمون بكل ما يؤثرون به على أنفسهم، على عكس المنافقين حيث ليس لهم وفاء أو مواساة بعضهم لبعض، وتتبين حقيقتهم بصورة أوضح في اللحظات الحرجة حيث يتخلون عن أقرب الناس لهم، بل حتى عن إخوانهم، وهذا هو محور الاختلاف بين نوعين من الاخوة، اخوة المؤمنين واخوة المنافقين.
وجملة: ولا نطيع فيكم أحدا أبدا تشير إلى موقف المنافقين الذي أعلنوه لليهود بأنهم سوف لن يراعوا التوصيات والإنذارات التي أطلقها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم.
ثم.. للإيضاح والتأكيد الأكثر حول كذب المنافقين يضيف سبحانه:
لئن اخرجوا لا يخرجون معهم.
ولئن قوتلوا لا ينصرونهم.
ولئن نصروهم ليولن الأدبار.
ثم لا ينصرون.
إن اللحن القاطع والقوي لهذه الآيات قد أدخل الرعب والهلع في قلوب المنافقين وأقلق بالهم.
وبالرغم من أن الآية نزلت في مورد معين، إلا أنها - من المسلم - لا تختص به، بل بيان أصل عام في علاقة المنافقين مع سائر أعداء الإسلام، بالإضافة إلى الوعود الكاذبة التي يمنحها كل منهم للآخر، وتقرر بطلان وخواء كل هذه الروابط والوعود.