يقال للماء الجاري بين الأشجار (غلل) ولأن الحسد والعداوة والبغضاء تنفذ في قلب الإنسان بصورة خفية، يقال لها: " غل ". وبناء على هذا فإن (الغل) ليس فقط بمعنى الحسد، ولكنه مفهوم واسع يشمل الكثير من الصفات الخفية والقبيحة أخلاقيا.
والتعبير ب (إخوان) والاستمداد من الرؤوف الرحيم في نهاية الآية يحكي عن روح المحبة والصفاء والاخوة التي يجب أن تسود المجتمع الإسلامي أجمع. فكل شخص يتمنى صفة حسنة لا يتمناها لنفسه فحسب، بل للآخرين أيضا، ولتشمل المجتمع بصورة عامة، وبذلك تطهر القلوب من كل أنواع العداء والبغضاء والحسد والحرص، وهذا هو المجتمع الإسلامي النموذجي.
* * * 2 بحث 3 الصحابة في ميزان القرآن والتاريخ:
يصر بعض المفسرين - بدون الالتفات إلى الصفات التي مرت بنا في الآيات السابقة لكل من المهاجرين والأنصار والتابعين - على اعتبار جميع الصحابة بدون استثناء متصفين بجميع الصفات الإيجابية (للمهاجرين والأنصار والتابعين) وأنهم نموذج يقتدى بهم من حيث نزاهتهم وطهرهم والتسامح فيما بينهم، وكل خلاف صدر منهم أحيانا سواء في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من بعده فإنهم يغضون النظر عنه، وبهذا اعتبروا كل مهاجر وأنصاري وتابع شخصا محترما ومقدسا بصورة عامة، دون الالتفات إلى أعمالهم وتقييمها حسب الموازين الشرعية.
إلا أن الملاحظ أن في الآيات أعلاه رفض واضح إزاء هذا الفهم، حيث تحدد الآية التقييم وفق ضوابط وموازين دقيقة للمهاجرين الحقيقيين والأنصار والتابعين.