خصوصية كل منهم في تشبيهين رائعين:
يقول سبحانه في البداية: كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم (1).
تحدثنا هذه الآية عن ضرورة الاعتبار بما جرى لبني النضير والقوم الذين كانوا من قبلهم وما جرى لهم، خاصة وأن الفترة الزمنية بين الحادثتين غير بعيدة.
ويعتقد البعض أن المقصود بقوله: الذين من قبلهم هم مشركو مكة الذين ذاقوا مرارة الهزيمة بكل كبريائهم في غزوة " بدر "، وأنهكتهم ضربات مقاتلي الإسلام، لأن هذه الحادثة لم يمر عليها وقت طويل بالنسبة لحادثة بني النضير، ذلك لأن حادثة بني النضير - كما أشرنا سابقا - حدثت بعد غزوة " أحد "، وغزوة بدر قبل غزوة أحد بسنة واحدة، وبناء على هذا فلم يمض وقت طويل بين الحادثتين.
في الوقت الذي يعتبرها كثير من المفسرين إشارة إلى قصة يهود " بني قينقاع "، التي حدثت بعد غزوة بدر، وانتهت بإخراجهم من المدينة.
وطبيعي أن هذا التفسير مناسب أكثر - حسب الظاهر - باعتباره متلائما أكثر مع يهود بني النضير، لأن يهود بني قينقاع كيهود بني النضير كانوا ذوي ثراء ومغرورين بقدرتهم القتالية، يهددون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين بقوتهم وقدرتهم العسكرية - كما سنذكر ذلك تفصيلا إن شاء الله - إلا أن العاقبة لم تكن غير حصاد التيه والتعاسة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
" وبال " بمعنى (عاقبة الشؤم والمرارة) وهي في الأصل مأخوذة من (وابل) بمعنى المطر الغزير، لأن المطر الغزير غالبا ما يكون مخيفا ويقلق الإنسان من عاقبته المرتقبة، كالسيول الخطرة والدمار وما إلى ذلك.