الظالمين (1).
ثم يستعرض دليلا واقعيا واضحا يعبر عن حالة الخوف والاضطراب حيث يقول سبحانه: لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر.
" قرى " جمع قرية، أعم من المزروعة وغير المزروعة، وتأتي أحيانا بمعنى الناس المجتمعين في مكان واحد.
" محصنة " من مادة (حصن) على وزن " جسم " بمعنى مسورة، وبناء على هذا فإن (القرى المحصنة) تعني القرى التي تكون في أمان بوسيلة أبراجها وخنادقها والمواضع التي تعيق تقدم العدو فيها.
" جدر " جمع جدار، والأساس لهذه الكلمة بمعنى الارتفاع والعلو.
نعم، بما أنهم خرجوا من حصن الإيمان والتوكل على الله، فإنهم بغير الالتجاء والاتكاء على الجدران والقلاع المحكمة لا يتجرؤون على مواجهة المؤمنين.
ثم يوضح أن هذا ليس ناتجا عن جهل بمعرفة فنون الحرب، أو قلة في عددهم وعدتهم، أو عجز في رجالهم، بل إن بأسهم بينهم شديد.
إلا أن المشهد الذي عرض يتغير في حالة مواجهتهم لكم ويسيطر عليهم الرعب والاضطراب بصورة مذهلة.
وهذا الأمر تقريبا يمثل أصلا كليا في مورد اقتتال الفئات غير المؤمنة فيما بينهم، وكذلك محاربتهم للمؤمنين.
ونشاهد مصاديق هذا المعنى بصورة متكررة أيضا في التأريخ المعاصر، حيث نلحظ عند اشتباك مجموعتين غير مؤمنتين مع بعضهما شدة الفتك وقسوة الانتقام وشراسة المواجهة بينهما بصورة لا تدعو للشك في قوة كل منهما... ولكن لو تغيرت المعادلة، وأصبحت المواجهة بين مجموعة غير مؤمنة بالله واخرى مؤمنة مستعدة للشهادة في سبيل الله، عند ذلك نرى أعداء الحق يلوذون إلى القلاع