إخلاص المهاجرين، لذا فإن هذا المعنى غير مناسب، والمناسب هو الجزاء والثواب الإلهي.
كما لا يستبعد أن يكون المراد من " الفضل " إشارة للنعم الجسمية، و " الرضوان " هو إشارة للنعم الروحية والمعنوية، والجميع مرتبط بالآخرة وليس بالدنيا.
ثم إن " المهاجرين " ينصرون المبدأ الحق دائما، وعونا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يتوقفوا في جهادهم بهذا السبيل لحظة واحدة (يرجى ملاحظة: أن فعل (ينصرون) بصيغة المضارع، وهو دليل على الاستمرار).
ومن هنا يتضح أن هؤلاء المهاجرين ليسوا من أصحاب الادعاءات الفارغة، بل هم رجال حق وجهاد، وقد صدقوا الله بإيمانهم وتضحياتهم المستمرة.
وفي مرحلة ثالثة يصفهم سبحانه بالصدق، ومع أن الصدق له مفهوم واسع، إلا أن صدق هؤلاء يتجسد في جميع الأمور: بالإيمان، وفي محبة الرسول، وفي التزامهم بمبدأ الحق..
ومن الواضح أن هذه الصفات كانت لأصحاب الرسول في زمن نزول هذه الآيات، إلا أننا نعلم أن أشخاصا من بينهم قد فرطوا بالنعم الإلهية التي غمرتهم، وسلكوا سبيل الضلال كالذين أشعلوا نار حرب الجمل في البصرة، وصفين في الشام، وحاربوا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان واجب الطاعة بإجماع المسلمين، وأراقوا دماء الآلاف من المسلمين...
وفي الآية اللاحقة يستعرض سبحانه ذكر مورد آخر من موارد صرف هذه الأموال، ومن بين ما يستعرضه في الآية الكريمة أيضا وصف رائع ومعبر جدا عن طائفة الأنصار، ويكمل البحث الذي جاء في الآية السابقة حول المهاجرين، فيقول سبحانه: والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم.
" تبؤوا " من مادة (بواء) على وزن (دواء) وهي في الأصل بمعنى تساوي