بالغنائم التي أعطيت للمهاجرين، ولا يحسدونهم عليها، ولا حتى يحسون بحاجة إلى ما أعطي للمهاجرين منها، وأساسا فإن هذه الأمور لا تخطر على بالهم. وهذه الصورة تعكس لنا منتهى السمو الروحي للأنصار.
ويضيف تعالى في المرحلة الثالثة إلى وصفهم ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (1).
ومن هذه السمات الثلاث: " المحبة " و " عدم الطمع " و " الإيثار "، كانت تتشكل خصوصية الأنصار المتميزة.
ونقل المفسرون قصصا متعددة في شأن نزول هذه الآية:
يقول ابن عباس: إن الرسول بين للأنصار يوم الانتصار على يهود بني النضير، إذا كنتم ترومون المشاركة في حصة المهاجرين من الغنائم فشاطروهم بتقسيم أموالكم وبيوتكم، وإذا أردتم أن تبقى بيوتكم وأموالكم لكم فلا شئ لكم من هذه الغنائم؟ فقال الأنصار: علام نتقاسم بيوتنا وأموالنا معهم، نقدم المهاجرين علينا ولا نطمع بشئ من الغنائم؟ فنزلت هذه الآية تعظم هذه الروح العالية (2).
ونقرأ في حديث آخر أن شخصا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى منزله، فقالت زوجته: ما عندنا إلا الماء، فقال رسول الله:
من لهذا الرجل الليلة، فتعهده رجل من الأنصار وصحبه إلى بيته، ولم يكن لديه إلا القليل من الطعام لأطفاله. وطلب أن يؤتى بالطعام إلى ضيفه وأطفأ السراج، ثم قال لزوجته: نومي الصبية، ثم جلس الرجل وزوجته على سماط الطعام فتظاهروا بالأكل ولم يضعوا شيئا في أفواههم، وظن الضيف أنهم يأكلون معه، فأكل حتى شبع وناموا الليلة، فلما أصبحوا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر إليهم وتبسم