هذه الآيات - التي هي استمرار للآيات السابقة - تتحدث حول طبيعة مصارف الفئ الستة، التي تشمل الأموال والغنائم التي حصل عليها المسلمون بغير حرب، وقد أوضحت الآية المعني باليتامى والمساكين وأبناء السبيل، مع التأكيد على المقصود من أبناء السبيل بلحاظ أنهم يشكلون أكبر رقم من عدد المسلمين المهاجرين في ذلك الوقت، حيث تركوا أموالهم ووطنهم نتيجة الهجرة، وكانوا فقراء بعد أن هجروا الدنيا من أجل دينهم.
يقول تعالى: للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم (1) يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون.
هنا بينت الآية ثلاثة أوصاف مهمة وأساسية للمهاجرين الأوائل، تتلخص ب:
(الإخلاص والجهاد والصدق).
ثم تتناول الآية مسألة (ابتغاء فضل الله ورضاه) حيث تؤكد هذه الحقيقة وهي: أن هجرتهم لم تكن لدنيا أو لهوى نفس، ولكن لرضا الله وثوابه.
وبناء على هذا ف (الفضل) هنا بمعنى الثواب. و " الرضوان " هو رضا الله تعالى الذي يمثل مرحلة أعلى من مرتبة الثواب. كما بينت ذلك آيات عديدة في القرآن الكريم، ومنها ما جاء في الآية 29 من سورة الفتح، حيث وصف أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الوصف تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا.
ولعل التعبير ب (الفضل) إشارة إلى أن هؤلاء المؤمنين يتصورون أن أعمالهم قليلة جدا لا تستحق الثواب، ويعتقدون أن الثواب الذي غمرهم هو لطف إلهي.
ويرى بعض المفسرين " الفضل " هنا بمعنى الرزق، أي رزق الدنيا، فقد ورد في بعض الآيات القرآنية بهذا المعنى أيضا، ولكن بما أن المقام هو مقام بيان