قلت: اللفظ في مقام الوضع موضوع لنفس الطبيعة، مثلا: لفظ " البيع " موضوع لنفس طبيعة البيع، من غير نظر إلى الخصوصيات اللاحقة، فيكون هو صادقا على جميع الأفراد على البدل، ومقتضى مقدمات الحكمة الجارية في وضع الواضع، أن ما هو موضوع له هو نفس الطبيعة، ولا مدخلية لشئ آخر في دلالة لفظ " البيع " عليها، ولكنه ربما تجعل الطبيعة موضوعا للحكم القانوني مثلا، ويكون المقنن والمشرع في مقام إفادة أن ما هو موضوع الحكم نفس الطبيعة لا غير، فيستفاد من الإطلاق والإرادة الاستعمالية أن المراد الجدي أيضا موافق لسعة الإرادة الاستعمالية، وربما يكون المتكلم في مقام إفادة أن الطبيعة تمام المراد الجدي فإنه في هذه الصورة أيضا استعمل اللفظ في معناه اللغوي، ولكنه ليس موافقا للإرادة الجدية، فلا ينبغي الخلط بين مقام الاستعمال ومقام إفادة المراد الجدي، فليتأمل جيدا.
وبعبارة أخرى: إذا قال المتكلم: الرجل خير من المرأة، فإنه لم يستعمل اللفظ إلا في معناه - وهي الطبيعة - إلا أن الطبيعة كما تصدق مع واحد تصدق مع كثير، فإن كان في مقام إفادة أن كل شئ صدق عليه الرجل هو خير منها، فهو يفيد الإطلاق في الموضوع للقضية، وإن كان في مقام إفادة أمر مجمل، فتكون القضية صادقة إذا كانت الأفراد غالبا أحسن منها وخيرا منها من غير لزوم المجاز.